والسجود على ظاهره عند أبي حنيفة، وعند مالك: بمعنى الصلاة؛ لأن الإمام يصلي- عنده- بطائفةٍ ركعة ويقف قائماً حتى تتم صلاتها وتسلم وتذهب، ثم يصلي بالثانية ركعة ويقف قاعداً حتى تتم صلاتها ويسلم بهم. ويعضده: (وَلْتَاتِ طائِفَةٌ أُخْرى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ). وقرئ: (وأمتعاتكم). فإن قلت: كيف جمع بين الأسلحة وبين الحذر في الأخذ؟ قلت: جعل الحذر، وهو التحرّز والتيقظ، آلة يستعملها الغازي، فلذلك جمع بينه وبين الأسلحة في الأخذ، ...

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (وعند مالك بمعنى الصلاة) أي: السجود بمعنى الصلاة.

وكذا عند الشافعي؛ لقول أصحابه: والأولى بكل فرقة ركعة، لكن ينتظر الفرقة الثانية في التشهد ثم يسلم بهم كما فعله صلى الله عليه وسلم بذات الرقاع، روينا عن صالح بن خوات، عمن صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم ذات الرقاع صلاة الخوف: أن طائفة صفت معه، وطائفة تجاه العدو، فصلى بهم الركعة التي بقيت من صلاته ثم ثبت جالساً فأتموا لأنفسهم، ثم سلم بهم، أخرجه البخاري ومسلم.

وأما صورة صلاة الحنفية فعن ابن عمر قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف بإحدى الطائفتين ركعة والطائفة الأخرى مواجهة العدو، ثم انصرفوا وقاموا في مقام أصحابهم مقبلين على العدو، وجاء أولئك ثم صلى بهم النبي صلى الله عليه وسلم ركعة، ثم قضى هؤلاء ركعة وهؤلاء ركعة، رواه البخاري ومسلم وغيرهما.

قوله: (ويعضده) أي: ويعضد قول مالك قوله تعالى: {وَلْتَاتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ} يعني نفي في هذه الآية عن الطائفة التي تقابل تلك الطائفة السابقة الصلاة؛ فينبغي أن يثبت لتلك الطائفة ما نُفي من هؤلاء وهي الصلاة، وما أتوا به صلاة، فوجب أن تُحمل السجدة على الصلاة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015