(وَإِذا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ) يتعلق بظاهره من لا يرى صلاة الخوف بعد رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم؛ حيث شرط كونه فيهم، وقال من رآها بعده: إن الأئمة نواب عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم في كل عصر، قوّام بما كان يقوم به؛ فكان الخطاب له متناولاً لكل إمام يكون حاضر الجماعة في حال الخوف، فعليه أن يؤمّهم كما أمّ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم الجماعات التي كان يحضرها. والضمير في (فِيهِمْ) للخائفين. (فَلْتَقُمْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ): فاجعلهم طائفتين، فلتقم إحداهما معك، فصل بهم. (وَلْيَاخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ): الضمير إمّا للمصلين وإمّا لغيرهم؛ فإن كان للمصلين، فقالوا: يأخذون من السلاح ما لا يشغلهم عن الصلاة، كالسيف والخنجر ونحوهما؛ وإن كان لغيرهم فلا كلام فيه. (فَإِذا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا) يعني: غير المصلين (مِنْ وَرائِكُمْ) يحرسونكم.

وصفة صلاة الخوف عند أبي حنيفة: أن يصلي الإمام بإحدى الطائفتين ركعة إن كانت الصلاة ركعتين، والأخرى بإزاء العدو، ثم تقف هذه الطائفة بإزاء العدو وتأتي الأخرى فيصلي بها ركعة ويتم صلاته، ثم تقف بإزاء العدوّ وتأتي الأولى فتؤدي الركعة بغير قراءةٍ وتتم صلاتها، ثم تحرس وتأتي الأخرى فتؤدي الركعة بقراءةٍ وتتم صلاتها.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (فاجعلهم طائفتين فلتقم) أي: الفاء في {فَلْتَقُمْ} تفصيلية؛ بدليل عطف قوله: {طَائِفَةٌ أُخْرَى} عليه؛ فلابد من المجمل، وهو"فاجعلهم طائفتين".

قوله: (يعني غير المصلين) أي: الفارغين من السجود الذاهبين إلى العدو، مع أنهم في الصلاة بعدُ.

قوله: (فتؤدي الركعة بغير قراءة) وذلك أن الإمام قد قرأ في الركعة الثانية وهم كانوا في الصلاة وإن كانوا في وجه العدو، بخلاف الطائفة الأخرى؛ لأنهم اقتدوا بالإمام في الركعة الثانية وأتم الإمام صلاته؛ فلابد لهم من القراءة في ركعتهم الثانية؛ إذ لم يكونوا مقتدين بالإمام حينئذ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015