ومشي الأقدام على القصد، ولا اعتبار بإبطاء الضارب وإسراعه، فلو سار مسيرة ثلاثة أيام ولياليهنّ في يوم، قصر، ولو سار مسيرة يوم في ثلاثة أيام؛ لم يقصر. وعند الشافعي رضي الله عنه: أدنى مدة السفر أربعة بُرُدٍ مسيرة يومين.

وقوله: (فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ) ظاهره التخيير بين القصر والإتمام، وأن الإتمام أفضل، وإلى التخيير ذهب الشافعي رضي الله عنه. وروي عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم: أنه أتم في السفر. وعن عائشة رضي اللَّه عنها: اعتمرت مع رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم من المدينة إلى مكة، حتى إذا قدمت مكة قلت: يا رسول اللَّه، بأبي أنت وأمي! قصرت وأتممت، وصمت وأفطرت. فقال: "أحسنت يا عائشة"، وما عاب عليّ. وكان عثمان رضي اللَّه عنه يتم ويقصر. وعند أبي حنيفة: القصر في السفر عزيمة غير رخصةٍ، لا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (ومشى الأقدام على القصد)، الأساس: ومن المجاز: قصد في الأمر؛ إذا لم يجاوز فيه الحد ورضي بالتوسط؛ لأنه في ذلك يقصد الأسد.

قوله: (أربعة بُردٍ)، النهاية: البريد: فرسخان، وقيل: أربعة. ومضى تفسيره مستقصى في أول البقرة.

قوله: (وعن عائشة رضي الله عنها) الحديث مذكور في "سسن النسائي"، قال القاضي: قول عمر رضي الله عنه: صلاة المسافر ركعتان تمام غير قصر على لسان نبيكم، إن صح فمؤول بأنه كالتام في الصحة والإجزاء. وقول عائشة: أول ما فُرضت الصلاة فُرضت ركعتين، لا ينفي جواز الزيادة؛ فلا حاجة إلى تأويل الآية، فإنهم ألغوا الأربع فكان منة أن يخطر ببالهم أن ركعتي السفر فيهما قصر ونقصان.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015