القيامة مكتوب بين عينيه: آيس من رحمة اللَّه». والعجب من قوم يقرؤون هذه الآية، ويرون ما فيها ويسمعون هذه الأحاديث العظيمة، وقول ابن عباس بمنع التوبة؛ ثم لا تدعهم أشعبيتهم وطماعيتهم الفارغة، واتباعهم هواهم، وما يخيل إليهم مناهم، أن يطمعوا في العفو عن قاتل المؤمن بغير توبة؟ (أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها) [محمد: 24]. ثم ذكر اللَّه سبحانه وتعالى التوبة في قتل الخطأ لما عسى يقع من
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قيل: قال سفيان: هو أن يقول في اقتل: اق.
قوله: (أشعبيتهم وطماعيتهم) الثاني تفسير للأول، قال الميداني: أشعب: رجلٌ من المدينة يقال له: أشعب بن جبير، مولى عبد الله بن الزبير، وعن أبي عبيدة أنه اجتمع عليه غلمة يعاتبونه، وكان مزاحاً ظريفاً فآذاه الغلمة، فقال لهم: إن في دار فلان عرساً فانطلقوا إليه ثمة فهو أنفع لكم؛ فانطلقوا وتركوه، فلما مضوا قال: لعل الذي قلت حق فمضى في أثرهم فلم يجد شيئاً وظفروا به فآذوه.
قوله: (ثم ذكر الله) قيل: هو عطف على الجملة المتقدمة من حيث المعنى، أي: ترك ذكر التوبة في هذه الآية مع الاحتياج إليها مانع عن الطمع، ثم ذكر التوبة في قتل الخطأ مع أنها غير محتاج إليها حسم للطمع؛ لأن معنى قوله: "والعجب ... " إلى آخره: هو أن قوله تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً} إلى آخره مانع عن الطمع. وقلت: هو عطف على قوله: "هذه الآية فيها من التهديد والإيعاد والإبراق والإرعاد أمر عظيم" يعني: في هذه الآية من الدلالة على التهديد والوعيد ما بلغت غايتها حتى قال ابن عباس: إن توبة قاتل المؤمن عمداً غير مقبولة، وتعاضدت فيها بالأحاديث، ثم في مقارنتها مع الآية السابقة المشتملة على التوبة مع أنها مستغنية عنها - حسم للأطماع وأي حسم، فعلى هذا الآية الأولى كالتتميم للثانية، ولفظة "ثم" في كلام المصنف مشعرة بأن دلالة الاقتران أبلغ من سائر ما ساعدت الآية من الأحاديث.