نَصِيراً* إِلاَّ الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ أَوْ جاؤُكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقاتِلُوكُمْ أَوْ يُقاتِلُوا قَوْمَهُمْ وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقاتَلُوكُمْ فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَما جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً* سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَامَنُوكُمْ وَيَامَنُوا قَوْمَهُمْ كُلَّما رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيها فَإِنْ لَمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُوا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ وَيَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأُولئِكُمْ جَعَلْنا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطاناً مُبِيناً)].

(فَتَكُونُونَ): عطف على (تَكْفُرُونَ)، ولو نصب على جواب التمني لجاز. والمعنى: ودّوا كفركم فكونكم معهم شرعاً واحداً فيما هم عليه من الضلال واتباع دين الآباء. فلا تتولوهم وإن آمنوا حتى يظاهروا إيمانهم بهجرة صحيحةٍ هي للَّه

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (فكَوْنكُم معهم شَرعاً). النِّهاية: في الحديثِ "أنتُم فيه شَرَعٌ سواءٌ"، أي: مُتساوونَ لا فضلَ لأحدِكم فيه على الآخَر.

قولُه: (فلا تتوَلَّوهُم وإن آمنوا حتَّى يُظاهِروا) تفسيرٌ لقوله: {فَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ حَتَّى يُهَاجِرُوا}، جعل {حَتَّى} غاية للمقدار، وهُو الإيمان؛ لأن الهجرة غيرُ نافعةٍ بدونِه، قوله: {فَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ} مسبب عن قوله: {وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ}، و {وَدُّوا} بدلٌ من قوله: {بِمَا كَسَبُوا} [النساء 88]، والكلام مصبوبٌ في قالبٍ واحد، يعني: ما لكم تختلفونَ في أمرِ أقوام منافقينَ؟ والحالُ أن اللهَ تعالى رَدَّهم في حُكم المشركينَ بسببِ ما كسبوا، وهُو وِدادتُهم كُفرَكم، وإذا كان كذلك فلا تختلفوا فيهم ولا تتولَّوْهم حتى يُهاجِروا في سبيل الله، أي: يَرجِعوا من جميع ذلك رُجوعاً كالمُهاجَرةِ منَ الأوطان، فإن توَلَّوا عن هذه المُهاجَرةِ فحُكمُهم حُكمُ المشركينَ بأن يُقتَلوا حيثُ وُجدوا، وبأن يُجانبوا مُجانبةً كُلِّية. ولا يُستبعَدُ حملُ المُهاجَرةِ على المُجانبة عنِ الذنوب والمخالفةِ لأمرِ الله؛ لما ورَدَ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم: "المسلمُ مَن سَلِمَ المسلمونَ مِن لسانهِ ويَدِه، والمُهاجِر مَن هجرَ ما نهى اللهُ عنه". أخرجَه البخاريُ وأبو داود، عن عبدِ الله بن عَمْرو.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015