أنه قال لنصراني سلم عليه: وعليك السلام ورحمة اللَّه، فقيل له، فقال: أليس في رحمة اللَّه يعيش؟

وقد رخص بعض العلماء في أن يبدأ أهل الذمة بالسلام إذا دعت إلى ذلك حادثة تحوج إليهم، وروي ذلك عن النخعي. وعن أبي حنيفة: لا تبدأه بالسلام في كتابٍ ولا غيره. وعن أبي يوسف: لا تسلم عليهم ولا تصافحهم، وإذا دخلت فقل: السلام على من اتبع الهدى، ولا بأس بالدعاء له بما يصلحه في دنياه. (عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيباً) أي: يحاسبكم على كل شيء من التحية وغيرها.

[(اللَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثاً)].

(لا إِلهَ إِلَّا هُوَ): إما خبر مبتدأ، وإما اعتراض، والخبر (لَيَجْمَعَنَّكُمْ)، ومعناه: (اللَّه) - واللَّه - (ليجمعنكم إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ)،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بذل لكم السلام من الكفار- بأن يروم الدخول في الشرع- فابذلوا له، كقوله تعالى: (وإن جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا) [الأنفال: 61] وأمره بأن يرد على باذلها مثلها، وذلك بأن يبذل له الأمان مما خافه أو أكثر منه، بأن يبين أن له ما له وعليه ما عليه من النصرة والموالاة.

قوله: (وقد رخص بعض العلماء في أن يبدأ أهل الذمة بالسلام). روينا عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تبدؤوا اليهود ولا النصارى بالسلام، وإذا لقيتم أحدهم في طريق فاضطروه إلى أضيقه))، أخرجه مسلمٌ وأبو داود والترمذي.

قوله: ((اللَّهُ) - والله- (لَيَجْمَعَنَّكُمْ)) فالقسم مع جوابه خبر (اللَّهُ)، تأويله ما مضى في قوله: (لَمَنْ لَّيُبَطِّئَنَّ) [النساء: 72].

طور بواسطة نورين ميديا © 2015