إلا نفسك وحدها. (وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ): وما عليك في شأنهم إلا التحريض فحسب لا التعنيف بهم. (عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَاسَ الَّذِينَ كَفَرُوا): وهم قريش، وقد كف بأسهم، فقد بدا لأبي سفيان وقال: هذا عام مجدب، وما كان معهم زاد إلا السويق، ولا يلقون إلا في عامٍ مخصبٍ فرجع بهم. (وَاللَّهُ أَشَدُّ بَاساً) من قريشٍ (وَأَشَدُّ تَنْكِيلًا) تعذيباً.
[(مَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْها وَمَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْها وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتاً)].
الشفاعة الحسنة: هي التي روعي بها حق مسلم، ودفع بها عنه شر، أو جلب إليه خير، وابتغي بها وجه اللَّه، ولم تؤخذ عليها رشوة، وكانت في أمرٍ جائزٍ، لا في حدّ من حدود اللَّه، ولا في حق من الحقوق، والسيئة: ما كان بخلاف ذلك. وعن مسروقٍ أنه شفع شفاعة فأهدى إليه المشفوع جاريةً فغضب وردها، وقال: لو علمت ما في قلبك لما تكلمت في حاجتك، ولا أتكلم فيما بقي منها. وقيل: الشفاعة الحسنة هي الدعوة للمسلم، لأنها في معنى الشفاعة إلى اللَّه. وعن النبي: «من دعا لأخيه المسلم بظهر الغيب استجيب له؛ قال له الملك: ولك مثل ذلك» فذلك النصيب. والدعوة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وقد كف بأسهم) أتى بقوله: ((قد)) للتحقيق، مشيراً به إلى أن (عَسَى) استعمل للتحقيق. قال الزجاج: ((عسى)) في اللغة للطمع، والطمع والإشفاق من الله تعالى واجبٌ، كأنه قال: إن الله سيكف بأس الذين كفروا.
قوله: (من دعا لأخيه) وفي روايةٍ لمسلم، عن أبي الدرداء، أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((ما من عبدٍ يدعو لأخيه بظهر الغيب إلا قال الملك: ولك بمثل))، والظهر قد يزاد في مثل هذا إشباعاً للكلام وتمكيناً، قاله صاحب ((النهاية)).
قوله: (فذلك النصيب) يريد أن معنى النصيب في قوله: (يَكُن لَّهُ نَصِيبٌ مِّنْهَا)