على المسلم بضد ذلك. (مُقِيتاً): شهيداً حفيظاً. وقيل: مقتدراً، وأقات على الشيء قال الزبير بن عبد المطلب:
وَذِى ضِغْنٍ نَفَيْتُ السُّوءَ عَنْهُ ... وَكُنْتُ عَلَى إسَاءَتِهِ مُقِيتَا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هذا المذكور، وفيه أن معنى الكفل بضد ذلك؛ ولذلك قال: ((والدعوة على المسلم بضد ذلك)).
الراغب: فإن قيل: فلم فرق بينهما في الحسنة: (نَصِيبٌ)، وفي السيئة: (كِفْلٌ)؟ قيل: يجوز أنه لما كان النصيب يقال فيما يقل ويكثر، والكفل لا يقال إلا في المثل، جاء في السيئة بلفظ الكفل؛ تنبيهاً على معنى المماثلة، وإشارةً؟ إلى ما قال: (ومَن جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى إلاَّ مِثْلَهَا) [الأنعام: 160]، وقد قيل: الكفل أكثر ما يقال في الشيء الرديء، فنبه بلفظه على ذلك تنبيهاً على قوله: (وجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا) [الشورى: 40]، فإن قيل: فقد قال: (يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ) [الحديد: 28] وليس ذلك بمذموم، قيل: إنه عنى ها هنا بالكفلين: الكفلين من رحمته يتكفلان به من العذاب، فضارع اللفظان والمعنيان مختلفان، فلما حث الله تعالى في الآية المتقدمة على تكليف ما أمره وتحريض المؤمنين ورجائه الظفر بالكفار، بين ها هنا أن من أعان غيره في فعلٍ حسنٍ فله نصيبٌ في ثوابه، وإن أعانه في فعلٍ سيئ فله كفلٌ منه.
وقلت: في الآية حثٌّ على الشفاعة الحسنة في حق الإخوان رجاء الثواب؛ ولهذا قال الشاعر:
ومن يفرد الإخوان فيما ينوبهم ... تصبه الليالي مرةً وهو مفرد
قوله: (وذي ضغنٍ) البيت، الضغن: الحقد، يقول: رب ذي ضغنٍ علي كففت السوء عنه مع القدرة.