[(وَإِذا جاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطانَ إِلاَّ قَلِيلاً* فَقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا تُكَلَّفُ إِلاَّ نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَاسَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَاللَّهُ أَشَدُّ بَاساً وَأَشَدُّ تَنْكِيلاً)].

هم ناس من ضعفة المسلمين الذين لم تكن فيهم خبرة بالأحوال ولا استبطان

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (هم ناسٌ من ضعفة) أي: ((هم)) في (وإذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الخَوْفِ)، وقوله: ((كانوا إذا بلغهم)) جملةٌ مبنيةٌ ومن ثم لم يجئ بالعاطف، فإن قلت: كيف اتصال هذه الآية بما قبلها؟ قلت- والله أعلم-: إنه تعالى لما حرض المؤمنين على القتال بقوله: (فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الحَيَاةَ الدُّنْيَا) [النساء: 4]، وزاد التحريض ثانياً بقوله: (ومَا لَكُمْ لا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ والْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ والنِّسَاءِ) [النساء: 5]، وترقى فيه ثالثاً إلى قوله: (الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ والَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ) [النساء: 6]، وربع بالتعيير لبعض من جبن عن القتال من المؤمنين، وبالغ في الرد عليه حتى بلغ إلى أن قال: إن الآجال مقدرةٌ والحذر لا يزيد في العمر، والاقتحام في المهالك لا ينقص منه، وكان حديثاً مناسباً للقضاء والقدر، فاستطرد ذكر المنافقين القائلين بما ينافي القدر، وأجاب عنهم: أن الكل بقضائه وقدره، وزجرهم ونسبهم إلى الجهل كما سبق، ثم أرشدهم إلى التفكر في النصوص الواردة في القرآن في ذلك بقوله: (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ القُرْآنَ) [النساء: 82] عاد إلى حديث الذين كفوا وجبنوا وأمثالهم، وعيرهم بنوعٍ آخر حيث قال: (وإذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ)، ولما فرغ من حديثهم كر إلى التحريض في القتال قائلاً: (فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا تُكَلَّفُ إلاَّ نَفْسَكَ) مزيداً لإلهاب المؤمنين؛ حيث خص رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخطاب وبالأمر بالقتال، وختم به أمر المقاتلة والمعاملة مع أعداء الله، ولما أراد أن يأخذ في شرعٍ آخر، وهو حن المعاشرة مع أولياء الله- وهو قوله تعالى: (وإذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ) - جعل قوله: (مَن يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015