قال اللَّه تعالى: (وَبَلَوْناهُمْ بِالْحَسَناتِ وَالسَّيِّئاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) [الأعراف: 168]. وقال: (إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ) [هود: 114] والمعنى: وإن تصبهم نعمة من خصبٍ ورخاءٍ نسبوها إلى اللَّه، وإن تصبهم بليةٌ من قحطٍ وشدة أضافوها إليك، وقالوا: هي من عندك وما كانت إلا بشؤمك، كما حكى اللَّه عن قوم موسى: (وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسى وَمَنْ مَعَهُ) [الأعراف: 131]، وعن قوم صالح: (قالُوا اطَّيَّرْنا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ) [النمل: 47]. وروي عن اليهود - لعنت - أنها تشاءمت برسول اللَّه؛ فقالوا: منذ دخل المدينة نقصت ثمارها، وغلت أسعارها، فردّ اللَّه عليهم بقوله: (قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ) يبسط الأرزاق ويقبضها على حسب المصالح. (لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً) فيعلموا أن اللَّه هو الباسط القابض، وكل ذلك صادر عن حكمةٍ وصواب.
ثم قال: (ما أَصابَكَ) يا إنسان، خطاباً عاماً (مِنْ حَسَنَةٍ) أي: من نعمةٍ وإحسانٍ (فَمِنَ اللَّهِ): تفضلاً منه وإحساناً وامتناناً وامتحاناً (وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ): من بليةٍ ومصيبةٍ (فَمِن نَّفْسِكَ): لأنك السبب فيها بما اكتسبت يداك، (وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ) [الشورى: 30].
وعن عائشة رضي اللَّه عنها: "ما من مسلم يصيبه وصب ولا نصب حتى الشوكة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (ثم قال تعالى: (مَا أَصَابَكَ) يا إنسان، خطاباً عامًّا) يعني: أنه من باب قوله:
إذا أنت أكرمت الكريم ملكته ... وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا
أي: الخطاب لعامته بحيث لا يختص بأحدٍ دون أحد.
قوله: (وعن عائشة رضي الله عنها: ((ما من مستلم))) الحديث من رواية البخاري ومسلمٍ وغيرهما، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما من مصيبةٍ تصيب المؤمن إلا كفر الله عنه بها، حتى الشوكة يشاكه)).