ثم ابتدأ قوله: (يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ)، والوقف على هذا الوجه على (أينما تكونوا).

والبروج: الحصون. (مشيدةٍ) مرفعة. وقرئ: (مُشَيَّدَةٍ) من شاد القصر إذا رفعه أو طلاه بالشيد وهو الجصّ. وقرأ نعيم بن ميسرة: (مُشَيَّدَةٍ) بكسر الياء؛ وصفاً لها بفعل فاعلها، مجازاً كما قالوا: قصيدةٌ شاعرة، وإنما الشاعر فارضها.

السيئة تقع على البلية والمعصية، والحسنة على النعمة والطاعة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (والبروج: الحصون. (مُّشَيَّدَةٍ): مرفعةٌ). الراغب: البروج: القصور، وسمي بروج النجوم لمنازلها المختصة بها، وقوله تعالى: (ولَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ) يصح أن يراد بها بروجٌ في الأرض، وتكون إشارةً إلى ما قال الشاعر:

ولو كنت في غمدان يحرس بابه ... أراجيل أحبوشٌ وأسود آلف

إذاً لأتتني حيث كنت منيتي ... يحث بها هادٍ لإثري قائف

وأن يراد بها (بروج النجوم)، ويكون لفظ المشيدة فيها على سبيل الاستعارة، وتكون الإشارة بالمعنى إلى نحو ما قال زهير:

ومن هاب أسباب المنايا ينلنه ... ولو نال أسبب السماء بسلم

قوله: (السيئة تقع على البلية والمعصية، والحسنة على النعمة والطاعة). الراغب: الحسنة والسيئة من الألفاظ المشتركة؛ ك ((الحيوان)) الذي يقع على الإنسان والفرس والحمار، أو من الأسماء المختلفة كالعين، ولو أن قائلاً قال: الحيوان متكلم، والحيوان غير متكلم، وأراد بالأول الإنسان، وبالثاني الفرس والحمار: لم يكن مناقضاً؛ وكذا إذا قيل: العين في الوجه، والعين ليس في الوجه، وأريد بالأولى الجارحة، وبالثانية عين الميزان أو السحاب، وكذلك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015