مفعوله؛ وهو (يا لَيْتَنِي)؛ والمعنى: كأن لم تتقدم له معكم موادّة، لأن المنافقين كانوا يوادّون المؤمنين ويصادقونهم في الظاهر، وإن كانوا يبغون لهم الغوائل في الباطن، والظاهر أنه تهكم؛ لأنهم كانوا أعدى عدوّ للمؤمنين وأشدهم حسداً لهم، فكيف يوصفون بالمودّة إلا على وجه العكس تهكماً بحالهم.

وقرئ: (فأفوز) بالرفع عطفاً على (كنت معهم)؛ لينتظم الكون معهم. والفوز معنى التمني؛ فيكونا متمنيين جميعاً، ويجوز أن يكون خبر مبتدأ محذوف، بمعنى فأنا أفوز في ذلك الوقت.

[(فَلْيُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا بِالْآخِرَةِ وَمَنْ يُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً* وَما لَكُمْ لا تُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالْوِلْدانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْ هذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُها وَاجْعَلْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيراً* الَّذِينَ آمَنُوا يُقاتِلُونَ فِي

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الراغب: قيل: قوله: (كَأَن لَّمْ تَكُن) اعتراضٌ متعلقٌ بالجملة الأولى وتقديره: قال: قد أنعم الله علي إذ لم أكن معهم شهيداً، كأن لم تكن بينكم وبينه مودة؛ فأخر ذلك، وذلك مستقبحٌ في العربية؛ فإنه لا يفصل بين بعض الجملة التي دخل في إثباتها، ويجوز أن يكون حكايةً عنهم، أي: ليقولن لمن ثبطهم: كأن لم تكن بينكم وبين محمدٍ مودة؛ حيث لم يستعينوا بكم ثم يقولون: يا ليتني كنت معهم، فيكون القول الأول منهم إثارةً للشر، والقول الثاني منهم إظهاراً للحسد، وقيل: في قوله: (قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ) منةٌ منه على قومه من المنافقين؛ إذ ثبطهم عن الخروج وأنه قد ظهر ثمرة نصيحته، وفي قوله: (يَا لَيْتَنِي) إيهامٌ للذين قالوا لهم: إن ذلك كان بإيثار الرسول لمن أخرجهم من دونهم. وفي الآيتين تنبيهٌ على أن عامة الناس لا يعتدون إلا أعراض الدنيا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015