سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقاتِلُوا أَوْلِياءَ الشَّيْطانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطانِ كانَ ضَعِيفاً)].

(يَشْرُونَ): بمعنى يشترون ويبيعون قال ابن مفرغ:

وَشَرَيْتُ بُرْداً لَيْتَنِى ... مِنْ بَعْدِ بُرْدٍ كُنْتُ هَامَهْ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: ((يَشْرُونَ) بمعنى: يشترون ويبيعون) والفاء في قوله: ((فالذين يشترون)) تفصيليةٌ، بدليل قوله: ((والذين يبيعون))، وقيل: هذا مبنيٌّ على جواز استعمال اللفظ المشترك في معنيين معاً، وهو مختلفٌ فيه، والجواب: أن التفصيل مبنيٌّ على تفسير (الَّذِينَ يَشْرُونَ) فإذا عبر به عن المبطئين كان بمعنى يشترون، وإذا عبر به عن الثابتين المخلصين كان بمعنى يبيعون، وهذا يدور على معنى الفاء في قوله: (فَلْيُقَاتِلْ) إن جعلت للتعقيب رجع المعنى إلى يشترون لأنها رابطةٌ لهذا المعنى بقوله: (وإنَّ مِنكُمْ لَمَنْ لَّيُبَطِّئَنَّ) الآية، فيكون تعييراً لهم بما يفعلون من النفاق والتثبيط، وذلك من وضع قوله: (الَّذِينَ يَشْرُونَ الحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ) موضع الضمير، يعني: هلا قاتل هؤلاء المبطئون الذين أثروا الحياة الدنيا على الآخرة! وإليه الإشارة بقوله: ((وعظوا بأن يغيروا ما بهم من النفاق)).

وإن جعلت جزاءً لشرطٍ محذوفٍ فالمعنى راجعٌ على يبيعون فإنه تعالى لما حرض المؤمنين على القتال بقوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انفِرُوا جَمِيعَاً) أتى بذكر المنافقين المبطئين، فقال: (وإنَّ مِنكُمْ لَمَنْ لَّيُبَطِّئَنَّ)، ثم قال: (فَلْيُقَاتِلْ) لئلا يؤثر فيهم تثبيطهم، يعني: إن صد هؤلاء عن القتال لمرض في قلوبهم وضعفٍ في نياتهم فقاتلوا أنتم أيها المخلصون، فوضع موضعه: (الَّذِينَ يَشْرُونَ الحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ)) للإشعار بالعلية، يعني: إن صد هؤلاء المبطئون فليقاتل البذالون أنفسهم في سبيل الله، الذين آثروا الحياة الباقية على هذه الفانية، واستبشاراً بما يحصل لهم من الفوز بالربح العظيم على بيعهم أنفسهم في سبيل الله، (فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ) [التوبة: 111]، وقوله: (ومَن يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ) [النساء: 74] تذييلٌ؛ لأنه تأكيدٌ للتحريض.

قوله: (وشريت برداً) البيت، بعده:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015