رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: «والذي نفسي بيده إنّ من أمتى رجالا الإيمان أثبت في قلوبهم من الجبال الرواسي». وروي عن عمر بن الخطاب رضي اللَّه عنه أنه قال: واللَّه لو أمرنا ربنا لفعلنا، والحمد للَّه الذي لم يفعل بنا ذلك، فنزلت الآية في شأن حاطبٍ ونزلت في شأن هؤلاء.
[(وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيارِكُمْ ما فَعَلُوهُ إِلاَّ قَلِيلٌ مِنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا ما يُوعَظُونَ بِهِ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً* وَإِذاً لَآتَيْناهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْراً عَظِيماً* وَلَهَدَيْناهُمْ صِراطاً مُسْتَقِيماً)].
(وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ) أي: لو أوجبنا عليهم مثل ما أوجبنا على بني إسرائيل من قتلهم أنفسهم، أو خروجهم من ديارهم حين استتيبوا من عبادة العجل، (ما فَعَلُوهُ إِلَّا) ناس (قَلِيلٌ مِنْهُمْ) وهذا توبيخ عظيم، والرفع على البدل من الواو في (فَعَلُوهُ)، وقرئ: (إلا قليلاً) بالنصب على أصل الاستثناء، أو على "إلا فعلاً قليلاً". (ما يُوعَظُونَ بِهِ) من اتباع رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم وطاعته والانقياد لما يراه
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (أي: لو أوجبنا عليهم) هذا تفسير قوله: (ولَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ)، قال الزجاج: حق ((لو)) أن تليها الأفعال إلا أن المشددة تقع بعدها؛ لأنها تنوب عن الاسم والخبر، تقول: ظننت أنك عالمٌ، أي: ظننت علمك، فناب هنا- أي: في هذه الآية- عن الفعل والاسم كما نابت هناك عن الاسم والخبر.
قوله: (وقرئ: ((إلا قليلاً))، بالنصب): ابن عامر، وبالرفع: الباقون، قال أبو البقاء: بالرفع بدلٌ من الضمير المرفوع وعليه المعنى؛ لأن المعنى: فعله قليلٌ منهم، و (مِّنْهُمْ): صفة (قَلِيلٌ).
قوله: (أو على: إلا فعلاً قليلاً) فعلى هذا الاستثناء مفرغ، و (مِّنْهُمْ): بيانٌ للضمير