ويحكم به؛ لأنه الصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى. (لَكانَ خَيْراً لَهُمْ) في عاجلهم وآجلهم، (وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً) لإيمانهم، وأبعد من الاضطراب فيه. (وَإِذاً): جواب لسؤال مقدرٍ، كأنه قيل:وماذا يكون لهم أيضاً بعد التثبيت؟ فقيل: وإذن لو ثبتوا (لَآتَيْناهُمْ)؛ لأن "إذن" جواب وجزاء، (مِنْ لَدُنَّا أَجْراً عَظِيماً)، كقوله:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

في ((فعلوا))، كقوله تعالى: (لَيَمَسَّنَّ الَذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ) [المائدة: 73] على التجريد، وعلى أصل الاستثناء (مِّنْهُمْ): للتبعيض، قال الزجاج: والنصب جائزٌ في غير القرآن على (مَا فَعَلُوهُ)، استثنى قليلاً منهم.

وقلت: في كلامه إشعارٌ بأن النصب غير مختار، فلا يحمل القرآن عليه، وقال ابن الحاجب: لا بعد أن يكون أقل القراء على الوجه الأقوى وأكثرهم على الوجه الذي هو دونه، بل التزم بعض الناس أنه يجوز أن يجمع القراء على غير الأقوى.

وقلت: بل يكون إجماعهم على قراءتهم دليلاً على أن ذلك هو القوي؛ لأنهم هم المتقنون الآخذون عن مشكاة النبوة، وأن تعليل النحاة غير ملتفتٍ إليه.

قوله: (لأن ((إذن)) جوابٌ وجزاء) تعليلٌ للتقدير، يعني: لما قال تعالى: (لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وأَشَدَّ تَثْبِيتًا) اتجه لسائلٍ أن يسأل عن جزاء التثبيت على الإيمان فأوقع (إذًا لآتَيْنَاهُم) جواباً لهذا السؤال وجزاءً لتثبيت، واللام في (لآتَيْنَاهُم) جواب ل ((لو)) محذوفاً كما قدره، وفي هذا التقدير تكلفاتٌ شتى، إحداها: أنه لم يعلم أن المعطوف عليه لهذه الجملة- يعني (وإذًا لآتَيْنَاهُم) - ماذا؟ وثانيها: تقدير السؤال و ((نحن)) مستغنيً عنه، وثالثها: حذف ((لو))، والظاهر أنها معطوفةٌ على قوله: (لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ) ليكون جواباً آخر لقوله: (ولَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ)، كأنه قيل: ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيراً لهم في الدنيا، وأشد تثبيتاً في الدين، وإذاً لآتيناهم في الآخرة أجراً عظيماً تفضلاً من عندنا، لا وجوباً. هذا هو الوجه ذهاباً ومذهباً، ويؤيده ما قال المرزوقي في قوله:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015