[(وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ لِيُطاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّاباً رَحِيماً* فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً)].
(وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ): وما أرسلنا رسولاً قط (إِلَّا لِيُطاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ): بسبب إذن اللَّه في طاعته، وبأنه أمر المبعوث إليهم بأن يطيعوه ويتبعوه؛ لأنه مؤدّ عن اللَّه؛ فطاعته طاعة اللَّه، ومعصيته معصية اللَّه. و (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ) [النساء: 80]. ويجوز أن يراد: بتيسير اللَّه وتوفيقه في طاعته.
(وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ) بالتحاكم إلى الطاغوت ........
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (أن يراد بتيسير الله تعالى) فالباء في (بِإذْنِ اللَّهِ) على هذا كما في قولك: كتبت بالقلم، يعني: جرت سنة الله بأن يوفق الأمة علة طاعة نبيه، والمعنى على الأول: وما أرسلنا من رسولٍ إلا ليظهر المعجزة، ويثبت النبوة، ثم يأتي للقوم بكتابٍ لإثبات الرسالة، وفيه مثل قوله: (أَطِيعُوا اللَّهَ وأَطِيعُوا الرَّسُولَ) [النساء: 59]، وهو المراد من قوله: ((أمر المبعوث إليهم بأن يطيعوه)).
قوله: ((إذ ظَّلَمُوا أَنفُسَهُمْ) بالتحاكم إلى الطاغوت) إشارةٌ إلى اتصال هذه الآية بقوله: (أَلَمْ تَرَ إلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ) إلى قوله: (يَتَحَاكَمُوا إلَى الطَّاغُوتِ) [النساء: 60] وذلك أنه تعالى لما نعى عليهم نفاقهم وأمر نبيه صلى الله عليه وسلم بالإعراض عنهم وأن يهددهم بالقول البليغ، جاء بقوله تعالى: (ومَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إلاَّ لِيُطَاعَ) [النساء: 64] للتعليل والتخلص إلى التوبة، يعني: لم يكن ذلك التشنيع والقول البليغ إلا لعصيانهم وترك التحاكم إليك، والانتهاء إلى الطاغوت، والصدور عما أنزله الله إلى الرسول، ولو أنهم مع هذا الظلم العظيم تابوا بأن يعتذروا إليك ويتوسلوا بشفاعتك إلى الله تعالى لتاب الله عليهم؛ لأنا ما أرسلناك لأمرٍ من الأمور إلا لتطاع ولا لتخالف قطعاً؛ ففيه تعظيمٌ لشأن متابعيه وتوبيخٌ عظيمٌ لمخالفيه، ثم رشح هذا التعظيم بالالتفات تتميماً لتعظيم جانبه، وتنبيهاً على علو