وقوله: (مِنْ فَتَياتِكُمُ) أي: من فتيات المسلمين لا من فتيات غيركم، وهم المخالفون في الدين. فإن قلت: فما معنى قوله (وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِكُمْ)؟ قلت: معناه: أن اللَّه أعلم بتفاضل ما بينكم وبين أرقائكم في الإيمان ورجحانه ونقصانه فيهم وفيكم، وربما كان إيمان الأمة أرجح من إيمان الحرة، والمرأة أفضل في الإيمان من الرجل وحق المؤمنين أن لا يعتبروا إلا فضل الإيمان لا فضل الأحساب والأنساب، وهذا تأنيسٌ بنكاح الإماء وترك الاستنكاف منه. (بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ) أي: أنتم وأرقاؤكم متواصلون متناسبون لاشتراككم في الإيمان لا يفضل حر عبداً إلا برجحان فيه (بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ): اشتراط لإذن الموالي في نكاحهن. ويحتج به لقول أبي حنيفة: أن لهن أن يباشرن العقد بأنفسهن؛ لأنه اعتبر إذن الموالي لا عقدهم.

(وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ): وأدّوا إليهن مهورهن بغير مطل وضرار وإحواج إلى الاقتضاء واللز.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (وأرقاؤكم متواصلون)، يريد أن (مِنْ) في قوله تعالى: (مِنْ بَعْضٍ) للاتصال.

قوله: (ويحتج به لقول أبي حنيفة: إن لهن أن يباشرن العقد بأنفسهن)، قال صاحب "التقريب": وفيه نظر؛ لأن العاقد آذن في الاستحلال، فلعله المراد. وقال القاضي: واعتبار إذنهم لا إشعار له على ذلك.

الانتصاف: فيحمل على الإذن للوكيل في العقد على أمته، فلا يلزم مباشرتها العقد.

قوله: (واللز). الأساس: لز الشيء بالشيء: قرن به وألصق، فالتز به، ومن المجاز: لزه إلى كذا: اضطره، وجعلتكم لزازاً لفلان: لا تدعه يخالف.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015