فإن قلت: الموالي هم ملاك مهورهن لا هن، والواجب أداؤها إليهم لا إليهن، فلم قيل: (وَءَاتُوهُنَّ)؟ قلتُ: لأنهنَّ وما في أيديهن مال الموالي، فكان أداؤها إليهنَّ أداء إلى الموالي، أو على أن أصله: فآتوا مواليهنَّ، فحذف المضاف. ا (مُحْصَناتِ) عفائف. والأخدان: الأخلاء في السرّ، كأنه قيل: غير مجاهرات بالسفاح ولا مسرات له (فَإِذا أُحْصِنَّ) بالتزويج. وقرئ: أحصن (نِصْفُ ما عَلَى الْمُحْصَناتِ) أي: الحرائر (مِنَ الْعَذابِ) من الحدّ كقوله: (وَلْيَشْهَدْ عَذابَهُما) [النور: 2]، و (يَدْرَؤُا عَنْهَا الْعَذابَ) [النور: 8] ولا رجم عليهن؛ لأن الرجم لا يتنصف. (ذلِكَ) إشارةٌ إلى نكاح الإماء (لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ) لمن خاف الإثم الذي تؤدي إليه غلبة الشهوة. وأصل العنت: انكسار العظم بعد الجبر، فاستعير لكل مشقة وضرر، ولا ضرر أعظم من مواقعة المآثم. وقيل: أريد به الحدّ؛ لأنه إذا هويها خشي أن يواقعها فيُحدَّ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (لأنهن وما في أيديهن مال الموالي)، وقلت: الفائدة في الأمر بالأداء إليهن الدلالة على وكادة إيجاب مهور النساء لاسيما الحرائر؛ لأنها أجور لأبضاعهن، والسيد إنما يأخذ من جهة ملك اليمين؛ لأنهن وما في أيديهن مال الموالي، لا من جهة أجور أبضاعهن صيانة من الوصمة.
قوله: ((أُحْصِنَّ) بالتزويج) أي: جعلن أنفسهن بالتزويج في حصن الأمان، و (أحصن) أزواجهن، قال محيي السنة: لا فرق في حد المملوك بين أن يتزوج أو لم يتزوج عند الأكثرين، وذهب بعضهم إلى أنه لا حد على من لم يتزوج؛ لأنه تعالى قال: (فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنْ الْعَذَابِ)، وروي ذلك عن ابن عباس وطاووس، ومعنى الإحصان عند الآخرين: الإسلام، والمراد من قوله: (فَإِذَا أُحْصِنَّ) التنبيه على أن المملوك وإن كان محصناً بالتزويج فلا رجم عليه، وإنما حده الجلد.
قوله: (وقيل: أريد به الحد) عطف على قوله: "الإثم" أي: لمن خاف الحد.