(وَخافُونِ) فجاهِدوا مع رَسُولي، وسارِعُوا إلى ما يأمُرُكم به، (إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) يعنى: أنّ الإيمان يقتضى أن تُؤثرِوا خوف اللَّه على خوف الناس، (وَلا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ). [الأحزاب: 39].

(وَلا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئاً يُرِيدُ اللَّهُ أَلاَّ يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ (176) إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْكُفْرَ بِالْإِيْمانِ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئاً وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (177) وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً وَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ) 176 ـ 178].

(يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ): يَقَعُون فيه سريعاً، ويَرغَبون فيه أشدّ رَغْبة، وهم الذين نافَقُوا من المتخلِّفين. وقيل: هم قومٌ ارتدّوا عن الإسلام. فإن قلت: فما معنى قوله: (وَلا يَحْزُنْكَ)؟ ومن حق الرسول أن يحزَنَ لنفاقِ من نافَقَ وارتِدادِ من ارتدّ؟ قلتُ: معناه: لا يحزُنوكَ لخوفِ أن يضرّوك ويُعينوا عليك، ألَا ترى إلى قوله: (إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئاً)، يعنى: أنهم لا يضرُّون بُمسارعتِهم في الكُفْر غيرَ أنفُسِهم،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فجاهدوا"، ويجوز أن يكون منصوباً، أي: لا يكن منكم خوف، فقعود عن القتال، كقوله تعالى: (وَلا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي) [طه: 81] على قراءة النصب، أي: لا يكن منكم طغيان فحلول غضب مني.

قوله: ((وَلا يَخْشَوْنَ أَحَداً)) يروى بالياء والتاء، بالتاء الفوقانية: اقتباس، وبالياء التحتانية: استشهاد.

قوله: (يقعون فيه سريعاً) يشير إلى أن (يُسَارِعُونَ) مضمن معنى: يقعون؛ لأن المسارعة تعدى بـ "إلى".

قوله: (معناه: لا يحزنوك لخوف أن يضروك) يعني: ما أوقع فاعل (لا يَحْزُنْكَ) موصولة لتدل على علة النهي، بل أوقعه ليكني به عن إيصال المضرة، لأن من يرغب في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015