(وَيَسْتَبْشِرُونَ بـ) إخوانهم المجاهدين (الَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ) أي: لم يقتلوا فيلحقوا بهم، (مِنْ خَلْفِهِمْ): يريد الذين من خلفهم قد بَقُوا بَعدَهم وهُم قد تقدموهم. وقيل: (لم يلحقوا بهم)، لم يدركوا فضلهم ومنزلتهم (أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ) بدل من (الَّذِينَ)، والمعنى: ويستبشرون بما تبين لهم من حال من تركوا خلفهم من المؤمنين؛ ....

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الجنة وروح البهجة والسرور، ولعل الروح تحصل لها تلك الهيئة إذا تشكلت وتمثلت بأمر الله طيراً أخضر كتمثل الملك بشراً، وعلى أية حال كانت، فالتسليم واجب علينا لورود البيان الواضح على ما أخبر عنه الكتاب والسنة وروداً صريحاً، ولا سبيل إلى خلافه.

وقلت: والله أعلم: في الآية تشبيه؛ لأن باب علمت وحسبت من دواخل المبتدأ والخبر، فالواجب حمل المفعول الثاني على الأول، ولا يصح ذلك في الآية إلا بالتشبيه نحو: حسبت زيداً أسداً، على أن بعض الأصحاب عد هذا الباب من أداة التشبيه، كأنه قيل: لا تحسبنهم كالأموات بل احسبنهم كالأحياء، ثم بين ما به شبهوا بهم بقوله: (يُرْزَقُونَ* فَرِحِينَ) فيكون حديث الطير بياناً لكيفية حياتهم وإيصال الرزق إليهم، وإلى التشبيه أشار المصنف بقوله: "مثل ما يرزق سائر الأحياء"، ومما يشد من عضد أن حكمهم خلاف حكم سائر الأموات ما روينا عن أبي داود والترمذي، عن فضالة بن عبيد، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "كل ميت يختم على عمله إلا المرابط في سبيل الله، فإنه ينمى له عمله إلى يوم القيامة".

قوله: ((أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ) بدل من (الَّذِينَ))، أي: بدل الاشتمال، لأن الضمير في (عَلَيْهِمْ) عائد إلى (بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ)، وقد ضم إليه السلامة من الخوف والحزن.

قوله: (ويستبشرون بما تبين لهم من حال من تركوا خلفهم) أي: يسرون بالبشارة بإخوانهم المؤمنين الذين لم يقتلوا وهو أنهم إذا ماتوا أو قتلوا كانوا أحياء حياة لا يكدرها خوف وقوع محذور وحزن فوات محبوب، فعلى هذا (يَسْتَبْشِرُونَ) بمعنى: يبشرون، الجوهري: وبشرت بكذا، بالكسر أبشر، أي: استبشرت به.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015