وهو أنهم يُبْعَثون آمِنين يومَ القيامة، بشَّرَهم اللَّهُ بذلك؛ فهم مُستبشِرون به. وفي ذكر حال الشهداء واستبشارهم بمن خلفهم بعث للباقين بعدهم على ازدياد الطاعة، والجد في الجهاد، والرغبة في نيل منازل الشهداء وإصابة فضلهم، وإحْمادٌ لحالِ من يرى نَفْسَه في خيرٍ فيتمنّى مثله لإخوانِه في اللَّه، وبُشرى للمؤمنينَ بالفوزِ في المآب. وكُرّر (يَسْتَبْشِرُونَ) ليعلق به ما هو بيان لقوله: (أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) مِن ذِكْرِ النعمة والفضل، وأنّ ذلك أجرٌ لهم على إيمانِهم يجبُ في عَدْلِ اللَّه وحِكْمتِه أن يُحصَّلَ لهم ولا يُضيَّع. وقُرئ: (وَأَنَّ اللَّهَ) بالفتح عطفاً على النَّعمةِ والفضل، وبالكسر على الابتداء وعلى أنّ الجملة اعتراض، وهي قراءة الكسائي. وتعضدها قراءة عبد اللَّه، واللَّه لا يضيع.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الراغب: بشرت الرجل وأبشرته وبشرته: أخبرته بسار يبسط بشرة وجهه، وذلك أن النفس إذا سرت انتشر الدم انتشار الماء في الشجر، وبين هذه الألفاظ فروق، فإن بشرته عام، وأبشرته نحو أحمدته وبشرته على التكثير، واستبشر: إذا وجد ما يبشره من الفرح. قال القاضي: الآية تدل على أن الإنسان غير الهيكل المحسوس.

قوله: (بيان لقوله: (أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ)) يعني: كرر (يَسْتَبْشِرُونَ) ليعلق به قوله: (بِنِعْمَةٍ مِنْ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ)، وهو بيان وتفسير لقوله: (أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ)؛ لأن الخوف: غم يلحق الإنسان مما يتوقعه من السوء، والحزن: غم يلحقه من فوات نافع أو حصول ضار مما فات منه، فمن كان متقلباً في نعمة من الله وفضل فلا يحزن أبداً، ومن جعلت أعماله مشكورة غير مضيعة فلا يخاف العاقبة.

قوله: (على أن الجملة اعتراض) أي: تذييل للآيات السابقة من لدن قوله: (لا تَحْسَبَنَّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015