و (قُتِّلوا) بالتشديد، و (أحياءً) بالنَّصب على معنى: بل احسبْهم أحياءً (عِنْدَ رَبِّهِمْ) مقرّبون عنده ذَوُو زُلفى، كقوله: (فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ). [فصلت: 38]. (يُرْزَقُونَ) مِثْلَ ما يُرزَقُ سائرُ الأحياء يأكلون ويشربون. وهو تأكيدُ لكونِهم أحياءً، ووصفٌ لحالهِم التي هُمْ عليها من التنعُّم برِزْق اللَّه. (فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ): وهو التوفيقُ في الشَّهادة وما ساقَ إليهم من الكَرامةِ والتفضيل على غيرِهم، مِنْ كَوْنِهم أحياءً مقرّبين مُعجَّلا لهم رِزْقُ الجنَّة ونعيمُها. وعن النبي صلى اللَّه عليه وسلم «لما أُصِيبَ إخوانُكم بأُحدٍ جَعَلَ اللَّهُ أرواحَهم في أجوافِ طَير خُضرٍ تَدُورُ في أنهارِ الجنَّة وتأكُلُ مِن ثِمارِها وتأوي إلى قنَاديلَ مِنْ ذَهَبٍ مُعلَّقة في ظِلِّ العَرْش»

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (و"قتلوا" بالتشديد): ابن عامر.

قوله: (ذوو زلفى) قيل: الخليل يكتب الألف عند ضمير الجماعة فرقاً بينه وبين سائر الواوات، وغيره لا يثبتها جرياً على القياس، فإن الخط مع اللفظ وليس في اللفظ ألف.

قوله: (كقوله: (فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ)) يعني: قوله: (عِنْدَ رَبِّهِمْ) كناية عن الزلفى والمكانة، نحو قوله تعالى: (فَإِنْ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ) [فصلت: 38] أي: فإن لم يمتثلوا ما أمروا به فدعهم، فإن الله عز وجل لا يعدم عابداً بالإخلاص، وله العباد المقربون الذين ينزهونه بالليل والنهار.

قوله: (وعن النبي صلى الله عليه وسلم: "لما أصيب إخوانكم بأحد") الحديث من رواية أحمد بن حنبل وأبي داود، عن ابن عباس، مذكور في مسندهما مع تغيير يسير، ومن رواية مسلم، عن مسروق، في "صحيحه"، قال الإمام التوربشتي: أراد بقوله: "أرواحهم في أجواف طير خضر" أن الروح الإنسانية المتميزة المخصوصة بالإدراكات، بعد مفارقتها البدن يهيأ لها طير أخضر، فتنتقل إلى جوفه ليعلف ذلك الطير من ثمر الجنة، فتجد الروح بواسطته لذة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015