(وَلِيَعْلَمَ): وهو كائن ليتميز المؤمنون والمنافقون، وليظهر إيمان هؤلاء ونفاق هؤلاء (وَقِيلَ لَهُمْ) من جملة الصلة، عطف على (نافقوا)، وإنما لم يقل فقالوا؛ لأنه جواب لسؤال اقتضاه دعاء المؤمنين لهم إلى القتال، كأنه قيل: فماذا قالوا لهم؟ فقيل: قالوا: لو نعلم. ويجوز أن تقتصر الصلة على: (نافَقُوا)، ويكون (وَقِيلَ لَهُمْ) كلامًا مبتدأ، قُسم الأمرُ عليهم بين أن يقاتلوا للآخرة كما يقاتل المؤمنون، وبين أن يقاتلوا ـ إن لم يكن بهم غم الآخرة ـ دفعًا عن أنفسهم وأهليهم وأموالهم، فأبوا القتال وجحدوا القدرة عليه رأساً لنفاقهم ودغلهم؛

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (وإنما لم يقل: فقالوا) أي: في قوله تعالى: (قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالاً) أي: لِمَ لم يجيء بالرابط بين متعلقي صلة الموصول؟ إذ التقدير: قيل لهم: تعالوا قاتلوا، فقالوا: لو نعلم قتالاً لقاتلنا. وأجاب: أن الربط المعنوي قائم، وهو الاستئناف على الجواب والسؤال.

قوله: (ويكون (وَقِيلَ لَهُمْ): كلاماً مبتدأ). لما ذكر الله تعالى أحوال المؤمنين وما جرى لهم وعليهم في الآيات، وبين أن الدائرة إنما كانت للابتلاء وليتميز المؤمنون عن المنافقين، وليعلم كل واحد من الفريقين أن ما قدره الله من إصابة المؤمنين كائن لا محالة، أورد قصة من قصصهم مناسبة لهذا المقام مستطردة، وجيء بالواو لأنها ملائمة لأصل الكلام، والنفاق على هذا مطلق متعارف، وعلى أن يكون (وَقِيلَ لَهُمْ): عطفاً على (نَافَقُوا) يكون بياناً له، وأنه نفاق خاص أظهروه في ذلك المقام حيث قالوا: (لَوْ نَعْلَمُ قِتَالاً لاتَّبَعْنَاكُمْ)، وإليه الإشارة بقوله: "وجحدوا القدرة عليه رأساً لنفاقهم ودغلهم".

قوله: (قسم الأمر) شروع في تفسير قوله: (وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا) إلى آخره.

قوله: (ودغلهم)، الأساس: الدغل: نحو الغيل والشجر الملتف، ومن المجاز: اتخذ الباطل دغلاً، ومنه: دغل فلان، وفيه دغل، أي: فساد وريبة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015