قلت: على ما مضى من قصة أحد من قوله: (وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ) [آل عمران: 152]، ويجوز أن تكون معطوفة على محذوف، كأنه قيل: أفعلتم كذا وقلتم حينئذٍ: (أنى هذا): من أين هذا، كقوله تعالى: (أَنَّى لَكِ هذا) [آل عمران: 37] لقوله: (مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ)، وقوله: (مِنْ عِنْدِ اللَّهِ) [آل عمران: 37]، ...
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حرف نسق دخلت عليها ألف الاستفهام فبقيت مفتوحة، ونحوه قول القائل: تكلم فلان في كذا، فيقول القائل: أوَهو ممن يقول؟ .
وقلت: المعطوف عليه إن كان ما مضى فالهمزة داخلة بين المعطوف والمعطوف عليه للطول مزيداً للإنكار، ولابد إذاً من إنكار في الكلام السابق، ومضمون المعطوف عليه وهو جملة قوله: (وَلَقَدْ صَدَقَكُمْ اللَّهُ وَعْدَهُ) الآية، أكان من الله الوعد بالنصر على أعدائكم بشرط الصبر والتقوى، فلما فشلتم وتنازعتم في الأمر وعصيتم أمر الرسول صلوات الله عليه، ونفر أعقابكم يريدون الدنيا، وأصابكم الله بما أصابكم و (قُلْتُمْ) حين أصابكم ذلك: (أَنَّى هَذَا)؟ (قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ) أنتم السبب فيما أصابكم.
قوله: (ويجوز أن تكون معطوفة على محذوف) وتقديره: أفعلتم كذا، أي: الفشل والتنازع والعصيان أو الخروج من المدينة والإلحاح على النبي صلى الله عليه وسلم، ولما أصابتكم مصيبة قلتم: أنى هذا؟ فالهمزة حينئذ دخلت على صدر الكلام.
قوله: (لقوله: (مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ)، وقوله: (مِنْ عِنْدِ اللَّهِ)): تعليل لتفسير (أَنَّى هَذَا)، و (أَنَّى لَكِ هَذَا) [آل عمران: 37]، فقوله: من أين، على طريقة النشر، يعني معنى قولهم: (أَنَّى هَذَا): من أين هذا؟ ليطابقه جوابه (مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ)، ولو قيل: معناه: كيف هذا؟ لم يطابقه؛ لأن السؤال عن الحال لا يجاب بالظرف، وكذا معنى (أَنَّى لَكِ هَذَا): من أين لك هذا ليطابق جواب مريم (هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ) [آل عمران: 37].