(يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِه) بعد ما كانوا أهل جاهلية لم يطرق أسماعهم شيء من الوحي (وَيُزَكِّيهِمْ) ويطهرهم من دنس القلوب بالكفر ونجاسة سائر الجوارح بملابسة المحرمات وسائر الخبائث، وقيل: ويأخذ منهم الزكاة (وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ): القرآن والسنة بعد ما كانوا أجهل الناس وأبعدهم من دراسة العلوم.
(وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ): من قبل بعثة الرسول. (لَفِي ضَلالٍ) إن هي المخففة من الثقيلة، واللام هي الفارقة بينها وبين النافية، وتقديره: وإنّ الشأن والحديث كانوا من قبل في ضلال (مُبِينٍ) ظاهر لا شبهة فيه.
(أَوَ لَمَّا أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْها قُلْتُمْ أَنَّى هذا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (165) وَما أَصابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ (166) وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا قاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا قالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتالاً لاتَّبَعْناكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمانِ يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما يَكْتُمُونَ (167) الَّذِينَ قالُوا لِإِخْوانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطاعُونا ما قُتِلُوا قُلْ فَادْرَؤُا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) 165 ـ 168].
(أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ): يريد ما أصابهم يوم أحد من قتل سبعين منهم، (قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْها) يوم بدر من قتل سبعين وأسر سبعين. و (لَمَّا) نصب ب (قلتم)، و (أَصابَتْكُمْ) في محل الجرّ بإضافة (لَمَّا) إليه وتقديره: أقلتم حين أصابتكم. و (أَنَّى هذا) نصبٌ، لأنه مقول، والهمزة للتقرير والتقريع، فإن قلت: علام عطفت الواو هذه الجملة؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والمصنف اختار ها هنا هذا المذهب، وتقرير معنى هذا الوجه: أنه إذا جعلت أوقاته خطباً فقد جعل الرجل خطيباً على المبالغة، كقولهم: نهاره صائم، فالإسناد مجازي، ومآل معنى الآية على ما ذهب إليه: على الكناية؛ لأن وقت البعث إذا جعل منة لأجل المبعوث فبأن يجعل المبعوث أجل امتناناً على المؤمنين كان أحرى.
قوله: (علام عطفت الواو هذه الجملة؟ )، قال الزجاج: الواو في (أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ)