وجَعَلَنا حَضَنةَ بيته، وسُوّاس حرمه، وجَعَل لنا بيتاً محجوجًا وحرمًا آمنًا، وجعلنا الحكام على الناس، ثم إن ابن أخي هذا محمد بن عبد اللَّه من لا يوزن به فتى من قريش إلا رجح به، وهو - واللَّه ـ بعد هذا له نبأ عظيم، وخطر جليل. وقرئ: (لمن منّ اللَّه على المؤمنين إذ بعث فيهم). وفيه وجهان: أن يراد لمن منّ اللَّه على المؤمنين منه أو بعثه إذ بعث فيهم، فحذف لقيام الدلالة، أو يكون إذ في محل الرفع كـ "إذا" في قولك: أخطب ما يكون الأمير إذا كان قائمًا، بمعنى لمن منّ اللَّه على المؤمنين وقت بعثه
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وجعلنا حضنة بيته)، النهاية: في الحديث: "أنه خرج محتضناً أحد ابني بنته" أي: حاملاً له في حضنه، والحضن كالجنب، جعل الكعبة كالولد: يحتاج في خدمتها إلى الحاضنة.
قوله: (وسواس حرمه)، النهاية: أي: متولي أمره كما تفعل الأمراء والولاة بالرعية، والسياسة: القيام على الشيء بما يصلحه.
قوله: ("إذ" في محل الرفع، كـ "إذا" في قولك: أخطب ما يكون الأمير إذا كان قائماً)، اعلم أن في قوله: "اخطب ما يكون الأمير قائماً"، مذاهب:
أحدها: مذهب البصريين، وتقديره: أخطب ما يكون الأمير حاصل إذا كان قائماً، حذف متعلق الظرف على القياس؛ لأن الظرف إذا وقع خبراً للمبتدأ أو نحوه حذف متعلقه إذا كان عاماً.
وثانيها: مذهب الكوفيين، وتقديره: أخطب ما يكون الأمير قائماً حاصل.
والثالث: مذهب بعضهم أن "ما" في هذه المسألة: ظرفية، فالتقدير: أخطب أوقات الأمير وقت قيامه؛ ضرورة أن "أفعل" لا يضاف إلا إلى ما هو بعض له، والخبر إذاً نفس الظرف فلا يحتاج إلى حاصل، وإنما جعلوه ظرفاً لكثرة وقوع "ما" المصدرية ظرفاً،