فإنّ ما هو أصلح لك لا يعلمُه إلا اللَّه لا أنتَ ولا من تُشاور. وقُرِئ (فَإِذا عَزَمْتُ) بضم التاء، بمعنى: فإذا عزمتُ لك على شيءٍ وأرشدتُك إليه فتوكّل علي ولا تُشاوِرْ بعدَ ذلكَ أحداً.
(إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلا غالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (160) وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَاتِ بِما غَلَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (161) أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَ اللَّهِ كَمَنْ باءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ وَمَاواهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) 160 ـ 162].
(إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ) كما نصركم يوم بدر فلا أحد يغلبكم (وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ) كما خذلكم يوم أحد (فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ) وهذا تنبيه على أن الأمر كله للَّه، وعلى وجوب التوكل عليه. ونحوه (ما يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَها وَما يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ). [فاطر: 2] (مِنْ بَعْدِهِ): من بعد خذلانه، أو هو من قولك ليس لك من يحسن إليك من بعد فلان، تريد: إذا جاوزته. وقرأ عبيد بن عمير: وإن يخذلكم، من: أخذله إذا جعله مخذولا،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (من بعد فلان، تريد: إذا جاوزته)، الجوهري: بعد نقيض قبل، وهما اسمان يكونان ظرفين إذا أضيفا، وأصلهما الإضافة.
فقول المصنف (مِنْ بَعْدِهِ): من بعد خذلانه، وارد على الزمان، لكن بحذف المضاف، وأما قوله: "من بعد فلان تريد: إذا جاوزته"، فوارد على المكان، ومن ثم قيل: تقول: جئت بعد فلان ومن بعد فلان بمعنى واحد، ولكن إذا جئت بـ "من" كأنك تتعرض بالابتداء، أي: موضع ابتداء المجيء.