وفيه ترغيب في الطاعة وفيما يستحقون به النصر من اللَّه تعالى، والتأييد، وتحذير من المعصية ومما يستوجبون به العقوبة بالخذلان (وَعَلَى اللَّهِ) وليخصَّ المؤمنون ربهم بالتوكل والتفويض إليه لعلمهم أنه لا ناصر سواه؛ ولأن إيمانهم يوجب ذلك ويقتضيه

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وجاء في "المغرب": قوله، أي: قول محمد: وإن كان ليس بالذي لا بعد له، يعني: ليس بنهاية في الجودة، وكأنه رحمه الله أخذه من قولهم: هذا مما ليس بعده غاية في الجودة والرداءة، وربما اختصروا فقال: ليس بعده، ثم أدخل عليه "لا" النافية للجنس واستعمله استعمال الاسم المتمكن.

قوله: (وفيه ترغيب في الطاعة .. وتحذير من المعصية)، هذا القول بعد قوله: "وهذا تنبيه على أن الأمر كله لله" إشارة إلى أن عبارة النص دلت على أن الأمر كله لله، وعلى وجوب التوكل عليه، وأن إشارة النص دلت على أن الله تعالى لا ينصر ابتداءً بل ينصر بسبب تقدم الطاعة، ولا يخذل إلا بعد استحقاق المكلف الخذلان بسبب المعاصي، بناءً على مذهبه.

وأما تقدير الآيات على مذهب أهل السنة: فإن قوله: (وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلْ الْمُؤْمِنُونَ) تذييل للكلام السابق وتوكيد له، وفيه إشارة إلى أن المكلف إذا علم أن الأمر كله لله رجع في جميع ما سنح له من المطالب والمآرب إليه سبحانه وتعالى، فإذا لابد من تحري رضا مولاه وتقدم الوسيلة بين يدي المآرب، ولا يحصل الرضا إلا بالاحتراز عن المعاصي، ولا تنجح المطالب إلا بتقدم الوسيلة، ولا وسيلة للعباد سوى العبادة والطاعة، فصح قوله: فيه ترغيب وتحذير.

ثم إن الآية السابقة واردة في صفة الرسول صلى الله عليه وسلم، والمقصود منها إظهار الشفقة على المؤمنين والرفع من أقدارهم، ومذيلة بالأمر بالتوكل المعلل بالمحبة، وهذه في وصف الله تعالى، والمقصود أيضاً راجع إليهم، ومذيلة بالأمر بالاختصاص بالتوكل إيذاناً بأن عمدة الأمر هو التوكل.

قوله: (لعلمهم أنه لا ناصر سواه) يعني: وضع "المؤمنون" موضع الضمير؛ للإشعار بأن صفة الإيمان هي المقتضية لاختصاص الله بالتوكل، وفيه تعريض بأن من لم يتوكل على الله تعالى لم يكن من كمال الإيمان في شيء .....

طور بواسطة نورين ميديا © 2015