لأنّ مخالفتهم فيما يقولون ويعتقدون، ومضادّتهم مما يَغمُّهم ويغيظُهم. (وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ) ردٌّ لقولهم. أي: الأمر بيده، قد يحيى المسافر والغازي، ويميت المقيم والقاعد كما يشاء. وعن خالد بن الوليد رضي اللَّه عنه أنه قال عند موته: ما فيّ موضع شبرٍ إلا وفيه ضربةٌ أو طعْنة، وها أنا ذا أموت كما يموت العَيْر، فلا نامت أعينُ الجبناء! (وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) فلا تكونوا مثلهم. وقُرِئ بالياء، يعنى الذين كفروا.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فإن قلت: فما وجه اتصاله بالتشبيه، وما تلك المقدرات؟ قلت: لما وقع التشبيه على عدم الكون عم جميع ما يتصل بهم من الرذائل وخص المذكور لكونه أشنع وأبين لنفاقهم، أي: بأنهم أعداء الدين؛ لم يقصروا في المضادة والمضارة، بل فعلوا كيت وكيت، وقالوا: كذا وكذا! ونظير موقعه موقع قوله تعالى: (إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ) [الممتحنة: 2] من قوله: (لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ) [الممتحنة: 1].

قوله: (قد يحيي المسافر) أراد تحقيق قولهم: الشجاع موقى، والجبان ملقى.

قوله: (وعن خالد بن الوليد أنه قال عند موته) على آخره مذكور في "الاستيعاب"، وفيه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر خالداً فقال: "نعم عبد الله وأخو العشيرة وسيف من سيوف الله سله الله على الكفار والمنافقين".

قوله: (وقرئ بالياء): قرأ ابن كثير وحمزة والكسائي: "يعملون" بالياء التحتانية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015