(لَمَغْفِرَةٌ) جوابُ القسم، وهو سادٌّ مسدَّ جوابِ الشرْط، وكذلك (لَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ).

كذَّبَ الكافرينَ أوّلًا في زعمهم: أن من سافرَ من إخوانِهم أو غزا لو كان في المدينة لَمَا مات، ونهى المسلمين عن ذلك؛ لأنه سبب التقاعد عن الجهاد، ثم قال لهم: ولئنْ تمَّ عليكم ما تخافونَه من الهلاك بالموتِ أوالقتْلِ في سبيل اللَّه، فإنّ ما تنالونه من المغفرة والرَّحمة بالموتِ في سبيل اللَّه خيرٌ مما تجمعون من الدنيا ومنافعها لو لم تموتوا. وعن ابن عباس رضي اللَّه عنهما: خير من طِلاعِ الأرض ذهبة حمراء

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: ((لَمَغْفِرَةٌ): جواب القسم، وهو ساد مسد جواب الشرط)، فاللام في قوله: (وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ): موطئة للقسم، وقوله: "ولئن تم عليكم ما تخافونه"، إلى قوله: "فإن ما تنالونه". بيان لمعنى القسم مع الشرط وجوابه، وفيه إيذان بأن الجزاء مضمن معنى الإعلام والتنبيه.

قوله: (من الهلاك بالموت أو القتل في سبيل الله)، قدم "الموت" على "القتل"، والتلاوة على العكس؛ لأن سياق كلامه على ما عليه المتعارف أن الهلاك بالموت أكثر منه بالقتل، يدل عليه قوله: (وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ)؛ لأن المحشور الميت أكثر من المقتول، وإنما قدم في التنزيل القتل في قوله: (وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ) لأن الكلام في الرد على من قال: (لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا)، وفي بيان عدم المساواة بينهما، لأن المطلوب من المؤمنين الشهادة والإنفاق في سبيل الله، يعني: هلاككم في سبيل الله لنيل المغفرة والفوز بالثواب سبب لأن تخبروا أن ذلك الهلاك الجالب للمغفرة خير من الحياة التي هي موجب جمع المال، فوضع قوله: (مِمَّا يَجْمَعُونَ) موضع حياتكم، استهجاناً لما عليه الإنسان من الكدح في جمع المال وجعله قصارى مباغيه من الحياة الدنيوية، وفي توكيد التركيب بالقسم تتميم لهذه الدقيقة.

قوله: (طلاع الأرض)، الجوهري: طلاع الشيء: ملؤه، قال الحسن: لأن أعلم أني بريء من النفاق أحب إلي من طلاع الأرض ذهباً، قال الأصمعي: طلاع الأرض: ملؤها.

قوله: (ذهبة حمراء)، الجوهري: الذهب معروف، وربما أنث، والقطعة منه: ذهبة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015