(طائِفَةً مِنْكُمْ): هم أهلُ الصدق واليقين و (طائِفَة): ٌ هم المنافقون (قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ): ما بهم إلا هم أنفسهم لا هم الدين ولا هم الرسول صلى اللَّه عليه وسلم والمسلمين، أو قد أوقعتهم أنفسهم وما حل بهم في الهموم والأشجان؛ فهم في التشاكي والتباثّ (غَيْرَ الْحَقِّ): في حكم المصدر، ومعناه: يظنون باللَّه غير الظن الحق الذي يجب أن يظن به. و (ظَنَّ الْجاهِلِيَّةِ) بدل منه. ويجوز أن يكون المعنى: يظنون باللَّه ظن الجاهلية. و (غير الحق): تأكيد ل (يظنون)، كقولك: هذا القول غير ما تقول، وهذا القول لا قولك

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (ما بهم إلا هم أنفسهم) هذا الحصر يعلم من المعنى؛ لأن من كان مهتماً بشأن نفسه في تلك الحالة الفظيعة لا يلتفت إلى الغير، ولأن قوله: (قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ) صفة لـ (طَائِفَةً)، وهو مقابل لقوله تعالى: (نُعَاساً يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ)، فلا تخلو الحال حينئذ من هذين الأمرين، ولهذا قدر المصنف (طَائِفَةً مِنْكُمْ): "هم أهل الصدق واليقين، و (طَائِفَةً) هم المنافقون قد أهمتهم"، التقدير: قد أنزل عليكم نعاساً يغشى طائفة منكم لأنهم أهل الصدق واليقين، ولم يغش طائفة أخرى لما قد أهمهم هم أنفسهم فهم مستغرقون في هم أنفسهم لا تنزل عليهم السكينة؛ لأنها وارد روحاني لا يتلوث بهم.

قوله: ((غَيْرَ الْحَقِّ)) يفهم منه أن هناك ظناً غيره، نحو قوله تعالى: (الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُو رَبِّهِمْ) [البقرة: 46]، هذا هو الظن الحق الذي يجب أن يظن به، فإن الظن قد يستعمل في الاعتقاد الحق أيضاً، فعلى هذا هو مصدر لقوله: (يَظُنُّونَ) لأنه نوع منه.

قوله: (و ((غَيْرَ الْحَقِّ) تأكيد لـ (يَظُنُّونَ)) على تقدير حذف عامله، أي: يظنون بالله ظن الجاهلية يقولون قولاً غير الحق، كقولك: هذا زيد غير ما تقول، معناه: هذا زيد أقول قولاً غير ما تقول، وقولك: هذا القول لا قولك، أي: قولي لك هذا القول، لا أقول قولك، هذا التأكيد في الحقيقة تأكيد للحكم لتكريره.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015