ويجوز أن يكون الضمير في: (فَأَثابَكُمْ) للرسول، أي فآساكم في الاغتمام، وكما غمكم ما نزل به من كسر الرباعية والشجة وغيرهما غمه ما نزل بكم، (فأثابكم غما) اغتمه لأجلكم بسبب غم اغتممتموه لأجله، ولم يثربكم على عصيانكم ومخالفتكم لأمره: وإنما فعل ذلك ليسليكم وينفس عنكم؛ لئلا (تحزنوا على ما فاتكم) من نصر اللَّه، (ولا) على (ما أصابكم) من غلبة العدو. وأنزل اللَّه الأمن على المؤمنين وأزال عنهم الخوف الذي كان بهم حتى نعسوا وغلبهم النوم. وعن أبي طلحة رضي اللَّه عنه: غشينا النعاس ونحن في مصافنا، فكان السيف يسقط من يد أحدنا فيأخذه، ثم يسقط فيأخذه. وما أحد إلا ويميل تحت حجفته.

وعن يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبيرعن أبيه عن جده، قال: والله إني لمع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن النعاس ليغشانا بعد الغم والكرب الذي كنا فيه، إذ سمعت معتب بن قشير أخا بني عمرو بن عوف، وما أسمعها منه إلا كالحلم، يقول: لو كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا هاهنا. وعن الزبير رضي الله عنه: لقد رأيتني مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين اشتد علينا الخوف، فأرسل الله علينا النوم، والله إني لأسمع قول معتب بن قشير والنعاس يغشاني: لو كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا هاهنا.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (فآساكم)، الجوهري: آسيته مالي مؤاساة، أي: جعلته إسوتي فيه، وقال: ثاب الرجل يثوب ثوباً وثوباناً بعد ذهابه، وثاب الناس: اجتمعوا وجاؤوا، وكذلك الماء إذا اجتمع في الحوض، ومثاب الحوض: وسطه الذي يثوب إليه. ولعل "أثابكم" بمعنى: آساكم، من قولك: ثاب الماء: إذا اجتمع في الحوض.

قوله: (ولم يثربكم)، الجوهري: التثريب: كالتأنيب والتعيير والاستقصاء في اللوم، يقال: لا تثريب عليك.

قوله: (وعن الزبير)، وفي كتاب صدر الأئمة: وعن ابن الزبير، وعن محيي السنة: قال عبد الله بن الزبير: لقد رأيتني مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015