(فَأَثابَكُمْ) عطف على (صرفكم)، أي: فجازاكم اللَّه (غَمًّا) حين صرفكم عنهم وابتلاكم بسبب (غم) أذقتموه رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم بعصيانكم له، أو: (غماً) مضاعفا، (غما) بعد غم، وغما متصلا (بغم)، من الاغتمام بما أرجف به من قتل رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، والجرح والقتل وظفر المشركين وفوت الغنيمة والنصر. (لِكَيْلا تَحْزَنُوا): لتتمرنوا على تجرع الغموم، وتضروا باحتمال الشدائد، فلا تحزنوا فيما بعد على فائت من المنافع ولا على مصيب من المضار

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (و (غَمّاً) متصلاً (بِغَمٍّ) تفسير لقوله: " (غَمّاً) بعد غم" على أن التكرير للاستيعاب، نحو قوله تعالى: (ثُمَّ ارْجِعْ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ) [الملك: 4] ولذلك عدد أشياء كثيرة، فقوله: "من الاغتمام": بيان لقوله: " (غَمّاً) متصلاً (بِغَمٍّ)، وقوله: "والجرح" وما يتبعه: عطف على "ما أرجف"، "ومن قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم": بيان "ما أرجف".

قوله: (بما أرجف به)، الأساس: رجف البحر: اضطرب، ومن المجاز: أرجفوا في المدينة بكذا، أي: أخبروا به على أن يوقعوا في الناس الاضطراب من غير أن يصح عندهم، وهذا من أراجيف الغواة.

قوله: (وظفر المشركين) قيل: ولو قال: وغلبة المشركين كان أحسن؛ لأن الظفر للمؤمنين.

قوله: ((لِكَيْلا تَحْزَنُوا) لتتمرنوا على تجرع الغموم ... فلا تحزنوا)، يعني: كنى عن قوله: لتتمرنوا بقوله: (لِكَيْلا تَحْزَنُوا) أي: جازاكم غماً متضاعفاً لتتمرنوا على تجرع الغموم وتأتلفوا بها، فلا تحزنوا على كل شيء؛ لأن العادة طبيعة خامسة، ولابد من هذا التأويل؛ لأن المجازاة بالغم بعد الغم سبب للحزن لا لعدمه، وقد قال الله تعالى: (فَأَثَابَكُمْ غَمّاً بِغَمٍّ لِكَيْلا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ).

قوله: (وتضروا) يقال: ضري بكذا، أي: غري به وأولع، النهاية: يقال: ضري بالشيء يضرى ضراوة فهو ضار: إذا اعتاده.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015