أو بإضمار «اذكر» والإصعاد: الذهاب في الأرض والإبعاد فيه. يقال: صعد في الجبل، وأصعد في الأرض. يقال: أصعدنا من مكة إلى المدينة: وقرأ الحسن رضي اللَّه عنه: تصعدون، يعنى في الجبل، وتعضد الأولى قراءة أبيّ: (إذ تصعدون في الوادي). وقرأ أبو حيوة: (تصعدون)، بفتح التاء وتشديد العين، من تصعد في السلم وقرأ الحسن: (تلون)، بواو واحدة وقد ذكرنا وجهها. وقرئ: يصعدون، ويلوون بالياء. (وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ) كان يقول «إلىّ عباد اللَّه، إلىّ عباد اللَّه، أنا رسول اللَّه، من يكرّ فله الجنة» (فِي أُخْراكُمْ): في ساقتكم وجماعتكم الأخرى، وهي المتأخرة. يقال: جئت في آخر الناس وأخراهم، كما تقول: في أوّلهم وأولاهم، بتأويل مقدمتهم وجماعتهم الأولى،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بين الأول والثاني في الحكم الذي ثبت للأول، مثل "ثم" في المهلة، ومعطوفها جزء من متبوعه ليفيد قوة أو ضعفاً، وهي هنا متعذرة، فبقي أن تكون حرف جر أو حرف ابتداء، فإن كان الثاني فلابد أن تكون "إذا": شرطية، وجوابها محذوفاً وهو متعلق "حتى إذا"، ليكون الواقع بعد "حتى" الابتدائية جملة، وإن كان حرف جر، فتكون "إذا" ظرفية مجرورة، نحو قوله تعالى: (وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى) [الليل: 1].
قوله: (أو بإضمار "اذكر") يعني: اذكر إذ تصعدون، قيل: فيه إشكال، إذ يصير المعنى: اذكر يا محمد إذ تصعدون، وقيل: الصواب أن تقدير "اذكر" على قراءة "يصعدون" بالياء، ويمكن أن يقال: ليس مراده أنه منصوب بإضمار "اذكر" صيغة أمر الواحد، بل المراد أنه منصوب بما ينتصب به أمثاله من لفظ الذكر بحسب ما يطابق الموقع، فيقدر "اذكروا"، وإنما أفرد إذا الغالب في أمثال هذه المواضع الإفراد، ويجوز أن يكون من باب قوله: (يا أيها النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ) [الطلاق: 1].
قوله: (وقد ذكرنا وجهها) أي: في قوله: (وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ) [آل عمران: 78] قبل هذا، وهو أن الواو المضمومة قلبت همزة ثم خففت.