سواء أديل لهم أو أديل عليهم؛ لأنّ الابتلاء رحمة كما أنّ النصرة رحمة. فإن قلت: أين متعلق (حَتَّى إِذا)؟ قلت: محذوف تقديره: (حتى إذا فشلتم) منعكم نصره. ويجوز أن يكون المعنى: صدقكم اللَّه وعده إلى وقت فشلكم (إِذْ تُصْعِدُونَ)، نصب ب (صرفكم)، أو بقوله: (لِيَبْتَلِيَكُمْ)،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: ((حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ) منعكم نصره)، قال صاحب "التقريب": وفيه نظر؛ لأن "منعكم" ليس متعلق (حَتَّى) لأدائه إلى كون زمان الفشل غاية لمنع النصر، فالتحقيق أن (حَتَّى) متعلق بـ (صَدَقَكُمُ): إما جارة و (إِذَا): للظرفية المجردة، أي: إلى زمان فشلكم، أو عاطفة تبتدأ بعدها الجملة، فـ (إِذَا): للشرطية ويقدر له جواب وهو: منعكم نصره.
والجواب أن السؤال ليس أن (حَتَّى) غاية ماذا، لما سبق في قوله: إنه غاية (إِذْ تَحُسُّونَهُمْ) حيث قال: "والمسلمون على آثارهم يحسونهم، أي: يقتلونهم قتلاً ذريعاً حتى إذا فشلوا"، بل السؤال عن جواب (إِذَا)، ولذلك ضمها مع (حَتَّى)، أي: الجواب: "منعكم" ولاً يقتضي الجواب؛ لأنه غاية الوعد بالنصر، و (إِذَا) بمعنى الوقت، و (حَتَّى) هي الجارة، والسؤال وارد على ذلك التقدير، لأنه يقتضي تقدير الشرط لا الظرف؛ لأن الكلام في الامتنان على المسلمين بالنصر والوعد بالظفر والغلبة، فلا يجوز أن يقال: وعدكم الله بالنصر إذ تحسونهم حتى إذا انتهى بكم الحس إلى الفشل؛ إذ لا يعلم منه انقطاع النصر، فلابد من تقدي ر"منعكم"، بأن يقال: حتى إذا فشلتم منعكم النصر، ولذلك فسر (حَتَّى) بـ "إلى حين" كان غاية النصر؛ لحصول المعنى مع عدم التقدير.
قوله: (إلى وقت فشلكم)، اعلم أن "حتى" إما أن تكون حرف جر بمنزلة "إلى" لانتهاء الغاية، نحو: أكلت السمكة حتى رأسها، أي: إلى رأسها، أو تكون حرف عطف، نحو: أكلت السمكة حتى رأسها، أي: ورأسها، أوي ستأنف بها الكلام نحو: أكلت السمكة حتى رأسها، أي: حتى رأسها مأكول، و"حتى" هذه لا يجوز أن تكون عاطفة؛ لأنها تجمع