ولا يطيعوهم في شيء، ولا ينزلوا على حكمهم ولا على مشورتهم حتى لا يستجرّوهم إلى موافقتهم. (بَلِ اللَّهُ مَوْلاكُمْ)، أي: ناصركم، لا تحتاجون معه إلى نصرة أحد وولايته. وقرئ بالنصب على: بل أطيعوا اللَّه مولاكم (سَنُلْقِي) قرئ بالنون والياء. و (الرُّعْبَ) بسكون العين وضمها. قيل: قذف اللَّه في قلوب المشركين الخوف يوم أحد فانهزموا إلى مكة من غير سبب ولهم القوة والغلبة. وقيل: ذهبوا إلى مكة،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اعلم أن التعريف في قوله: (الَّذِينَ كَفَرُوا) إذا حمل على العهد، فالمخاطبون أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم المراد بالذين كفروا إما المنافقونـ وإليه الإشارة بقوله: "نزلت في قول المنافقين"ـ أو أهل الكتابـ وهو الذي رواه عن الحسنـ أو المشركون، وهو الذي رواه عن السدي، وإذا حمل على الجنس فالمخاطبون: جماعة المسلمين في جميع الأزمنة، كما أن الكفار عام في اليهود والمنافقين والمشركين، وهو المراد بقوله: "وأن على المؤمنين أن يجانبوهم".
قوله: (ولا على مشورتهم)، الراغب: المشورة: استخراج الرأي بمراجعة البعض إلى البعض، من قولهم: شرت العسل وأشرته: استخرجته، والشورى: الأمر الذي يتشاور فيه.
قوله: (و (الرُّعْبَ): أي: وقرئ: (الرُّعْبَ) بسكون العين: كلهم سوى ابن عامر والكسائي فإنهما قرآ بالضم.
قوله: (قذف الله في قلوب المشركين الخوف يوم أحد فانهزموا إلى مكة) يوجب أن يكون هذا الوعد أي: قوله: (سَنُلْقِي) بعد القتال، ويؤيده قوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا) الآية، لأن هذا الكلام مسوق لتسلية المؤمنين والمنع من أن يطيعوا الكفار فيما كانوا يوقعونهم في الشبه في الدين بسبب ما أصيبوا يوم أحد، وهي أنه لو كان نبياً حقاً لما غلب، وغير ذلك، وقوله بعد ذلك: "ويجوز أن يكون الوعد قوله: (سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ) فلما فشلوا تنازعوا لم يرعبهم"، يوجب أن يكون قبل القتال، فأي الوجهين أقرب إلى النظم؟