(فَآتاهُمُ اللَّهُ ثَوابَ الدُّنْيا) من النصرة والغنيمة والعز وطيب الذكر، وخص ثواب الآخرة بالحسن؛ دلالة على فضله وتقدّمه، وأنه هو المعتدّ به عنده (تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ). [الأنفال: 67]
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خاسِرِينَ (149) بَلِ اللَّهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ (150) سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِما أَشْرَكُوا بِاللَّهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً وَمَاواهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى 149 ـ 151].
(إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا) قال علىّ رضي اللَّه عنه: نزلت في قول المنافقين للمؤمنين عند الهزيمة: ارجعوا إلى إخوانكم وادخلوا في دينهم، وعن الحسن رضي اللَّه عنه: إن تستنصحوا اليهود والنصارى وتقبلوا منهم، لأنهم كانوا يستغوونهم ويوقعون لهم الشبه في الدين، ويقولون: لو كان نبيا حقا لما غلب ولما أصابه وأصحابه ما أصابهم، وإنما هو رجل حاله كحال غيره من الناس يوما له ويوما عليه. وعن السدي: إن تستكينوا لأبى سفيان وأصحابه وتستأمنوهم (يَرُدُّوكُمْ) إلى دينهم. وقيل: هو عامّ في جميع الكفار، وإنّ على المؤمنين أن يجانبوهم،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (إن تستكينوا لأبي سفيان) الاستكانة: الخضوع، وأصله: استكن، من السكون، قال القاضي: لأن الخاضع يسكن لصاحبه ليفعل به ما يريده، والألف من إشباع الفتحة، أو استكون، من الكون؛ لأنه يطلب من نفسه أن يكون لمن يخضع له.
قوله: (وقيل: هو عام): معطوف على قوله: "قال علي رضي الله عنه: نزلت في قول المنافقين".