وعن بعض المهاجرين: أنه مرّ بأنصاري يتشحط في دمه، فقال: يا فلان، أشعرت أن محمداً قد قتل، فقال: إن كان قتل فقد بلغ، قاتلوا على دينكم. والمعنى (وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ) فسيخلو كما خلوا، وكما أن أتباعهم بقوا متمسكين بدينهم بعد خلوهم، فعليكم أن تتمسكوا بدينه بعد خلوه؛ لأن الغرض من بعثة الرسل تبليغ الرسالة وإلزام الحجة، لا وجوده بين أظهر قومه (أَفَإِينْ ماتَ): الفاء معلقة للجملة الشرطية بالجملة قبلها على معنى التسبيب،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (الفاء معلقة للجملة الشرطية بالجملة قبلها على معنى التسبيب) أي: قوله: "فإن مات" مسبب عن جملة قوله: (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ) وقوله: (قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ) صفة (رَسُولٌ)، فدخلت همزة الإنكار بين المسبب والسبب لإعطاء مزيد الإنكار الذي يتضمنه قوله: (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ)، وذلك أن التركيب من باب القصر القلبي، لأنه جعل المخاطبون بسبب ما صدر عنهم من النكوص على أعقابهم عند الإرجاف بقتل النبي صلى الله عليه وسلم كأنهم اعتقدوا أن محمداً صلوات الله عليه ليس حكمه حكم سائر الرسل المتقدمة في وجوب اتباع دينهم بعد موتهم، بل حكمه على خلاف حكمهم، فأنكر الله تعالى عليهم ذلك وبين أن حكمه حكم من سبق من الأنبياء في أنهم ماتوا وبقي أتباعهم متمسكين بدينهم ثابتين عليه، ثم عقب الإنكار بقوله: "فإن مات"، وادخل الهمزة لمزيد ذلك الإنكار، يعني: إذا علم أن أمره أمر الأنبياء السالفة فلم عكستم الأمر؟ فإن لم يجعل ذلك العلم سبباً للثبات فلا أقل من أن لا يجعل سبباً للانقلاب، وإليه الإشارة بقوله: "يجب أن يكون سبباً للتمسك لا للانقلاب".
وقال الزجاج: ألف الاستفهام دخلت على حرف الشرط، وفي الحقيقة داخلة على الجزاء، كما أنك إذا قلت: هل زيد قائم؟ فإنما تستفهم عن قيامه إلا أنك أدخلت "هل"