لما رمى عبد اللَّه بن قمئة الحارثي رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم بحجر فكسر رباعيته، وشج وجهه، أقبل يريد قتله، فذب عنه صلى اللَّه عليه وسلم مصعب بن عمير وهو صاحب الراية يوم بدر ويوم أحد، حتى قتله ابن قمئة وهو يرى أنه رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، فقال: قد قتلت محمداً. وصرخ صارخ: ألا إن محمداً قد قتل. وقيل: كان الصارخ الشيطان، ففشا في الناس خبر قتله فانكفؤوا، فجعل رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يدعو: «إليّ عباد اللَّه» حتى انحازت إليه طائفة من أصحابه، فلامهم على هربهم، فقالوا: يا رسول اللَّه، فديناك بآبائنا وأمهاتنا، أتانا خبر قتلك فرعبت قلوبنا فولينا مدبرين؛ فنزلت. وروي: أنه لما صرخ الصارخ قال بعض المسلمين: ليت عبد اللَّه بن أبيّ يأخذ لنا أمانا من أبى سفيان. وقال ناس من المنافقين: لو كان نبيا لما قتل، ارجعوا إلى إخوانكم وإلى دينكم. فقال أنس بن النضر ـ عم أنس بن مالك ـ: يا قوم، إن كان قتل محمد فإن رب محمد حيٌ لا يموت، وما تصنعون بالحياة بعد رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم؟ فقاتلوا على ما قاتل عليه، وموتوا على ما مات عليه؛ ثم قال: اللهم إني أعتذر إليك مما يقول هؤلاء، وأبرأ إليك مما جاء به هؤلاء، ثم شدّ بسيفه فقاتل حتى قتل

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (لما رمى عبد الله بن قمئة) مخالف لما سبق عند قوله تعالى: (لَيْسَ لَكَ مِنْ الأَمْرِ شَيْءٌ)، فإنه ذكر أنه عتبة بن أبي وقاص، وهذا الذي ذكره ها هنا أصح لما جاء في كتاب "الوفا" لابن الجوزي أنه ابن قمئة.

قوله: (ثم شد بسيفه) أي: حمل وصال، الراغب: الشد: العقد القوي، شددت الشيء: قويت عقده، قال تعالى: (وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ) [الإنسان: 28]، وشد فلان واشتد: إذا أسرع،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015