يريد المستشهدين يوم أحد. أو وليتخذ منكم من يصلح للشهادة على الأمم يوم القيامة بما يبتلي به صبركم من الشدائد، من قوله تعالى: (لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ) [البقرة: 143]. (وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) اعتراض بين بعض التعليل وبعض. ومعناه: واللَّه لا يحب من ليس من هؤلاء الثابتين على الإيمان، المجاهدين في سبيل اللَّه، الممحصين من الذنوب. والتمحيص: التطهير والتصفية. (وَيَمْحَقَ الْكافِرِينَ) ويهلكهم، يعنى: إن كانت الدولة على المؤمنين فللتمييز والاستشهاد والتمحيص، وغير ذلك مما هو أصلح لهم، وإن كانت على الكافرين، فلمحقهم ومحو آثارهم .....

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (من قوله تعالى: (لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ) [البقرة: 143]) يريد أن قوله: (وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ) من باب قوله: (لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ) وذلك أن قوله: (لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ) علة لقوله: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً)، ولا تكونون وسطاً، أي: خياراً، حتى تكونوا أصحاب عزم وصبر كما قال ها هنا بما يبتلي به صبركم من الشدائد.

قوله: (فللتمييز والاستشهاد والتمحيص) يفهم منه أن المعطوفات سوى (وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ)، فإنهـ كما قالـ اعتراض منسوق بعضها على بعض على نسق واحد، وقد ذهب إلى أن "ليعلم" معلله مقدر، والنظم يستدعي أن يكون قوله: (وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا) مع معطوفه "عطفاً على "ليعلم" مع معطوفه على طريقة قوله: (وَمَا يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ* وَلا الظُّلُمَاتُ وَلا النُّورُ). قال المصنف: بعض الواوات ضمت شفعاً إلى شفع [و] وتراً إلى وتر، لذل كرر حرف التعليل؛ دلالة على الاستقلال، وأعيد (الَّذِينَ آمَنُوا) ليعلق به تمحيص المؤمنين ومحق الكافرين بعدما علق به تمييز المؤمنين واستشهادهم وبغض الظالمين، وأن يكون قوله: (وَلِيَعْلَمَ) عطفاً من حيث المعنى على قوله تعالى: (وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ)؛ لأنه تذييل لقوله: (إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ) على نحو قولهم: حدثت الحوادث، والحوادث جمة، وفيه شائبة من التعليل لمقام التسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضوان الله عليهم عما أصيبوا يوم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015