وقال:

يَرِدُ المِيَاهَ فَلَا يَزَالُ مُدَاوِلا فِي النَّاسِ بَيْنَ تَمَثُّلٍ وَسَمَاعِ

يقال: داولت بينهم الشيء فتداولوه (وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا): فيه وجهان: أحدهما أن يكون المعلل محذوفًا، معناه: وليتميز الثابتون على الإيمان منكم من الذين على حرف، فعلنا ذلك، وهو من باب التمثيل، بمعنى: فعلنا ذلك فعل من يريد أن يعلم من الثابت على الإيمان منكم من غير الثابت، وإلا فاللَّه عز وجل لم يزل عالما بالأشياء قبل كونها. وقيل: معناه وليعلمهم علماً يتعلق به الجزاء،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (يرد المياه)، قبله:

فلأهدين مع الرياح قصيدة ... مني محبرة إلى القعقاع

محبرة، أي: قصيدة حسنة غراء، ومعناه: لأهدين إلى هذا الرجل قصيدة غراء متداولة بين الناس يتمثلون بها وينشدونها في القبائل، ولأنهم كانوا ينزلون عند المياه قال: يرد المياه، وفي المثل: أسير من شعر، لأنه يرد الأخبية ويلج الأندية.

قوله: (وإلا فالله عز وجل لم يزل عالماً) أي: الواجب أن يحمل على التمثيل، فإنه عن لم يحمل عليه يلزم ذلك المحذور، وذلك باطل؛ لأن الله عز وجل لم يزل عالماً بالأشياء قبل كونها، فالفاء فصيحة.

قوله: (وليعلمهم علماً يتعلق به الجزاء)، قال الزجاج: المعنى: ليقع ما علمناه غيباً مشاهدة للناس ويقع منكم، وإنما تقع المجازاة على ما علمه الله من الخلق وقوعاً، لا على ما لم يقع، وقال أيضاً في قوله: (وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ) [آل عمران: 154]

طور بواسطة نورين ميديا © 2015