وردع عن اليأس والقنوط؛ وأن الذنوب وإن جلت فإن عفوه أجل وكرمه أعظم، والمعنى: أنه وحده معه مصححات المغفرة. وهذه جملة معترضة بين المعطوف والمعطوف عليه (وَلَمْ يُصِرُّوا) ولم يقيموا على قبيح فعلهم غير مستغفرين. وعن النبي صلى اللَّه عليه وسلم «ما أصرّ من استغفر وإن عاد في اليوم سبعين مرّة» وروي «لا كبيرة مع الاستغفار ولا صغيرة مع الإصرار» (وهُمْ يَعْلَمُونَ): حال من فعل الإصرار وحرف النفي منصب عليهما معاً. والمعنى: وليسوا ممن يصرون على الذنوب وهم عالمون بقبحها وبالنهى عنها والوعيد عليها، لأنه قد يعذر من لا يعلم قبح القبيح

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (غير مستغفرين) هو حال من الضمير في (يُقِيمُوا)، والجملة تفسير لقوله: (وَلَمْ يُصِرُّوا).

قوله: (ما أصر من استغفر وإن عاد في اليوم سبعين مرة) أخرجه الترمذي وأبو داود عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه، إلا أن أبا داود قال: "ولو فعله"، والترمذي: "ولو عاد".

قوله: (وحرف النفي منصب عليهما معاً) يريد أن هؤلاء المستغفرين إذا صدر عنهم ذنب في أثناء توبتهم تداركوا بالاستغفار، وإن صدر عن السهو والغفلة لا يضرهم ولا يخرجهم عن حكم قوله تعالى: (أُوْلَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ)؛ لأنه قد يعذر من لا يعلم قبح القبيح، وفيه أن من أصر على الذنوب وهو عالم بها ولا يتلافى بالاستغفار خارج من هذا الوعد، وإليه الإشارة بقوله: "وأن الجنة للمتقين والتائبين منهم دون المصرين".

وقال الإمام: يجوز أن يكون المراد من قوله: (يَعْلَمُونَ) العقل والتمييز والتمكن من الاحتراز من الفواحش، فيجري مجرى قوله صلى الله عليه وسلم: "رفع القلم عن ثلاث".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015