لأن العبد إذا جاء في الاعتذار والتنصل بأقصى ما يقدر عليه؛ وجب العفو والتجاوز. وفيه تطييب لنفوس العباد، وتنشيط للتوبة، وبعث عليها،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يتحرك نشاطه ويهز عطفه فلا يتقاعد عنها، ومن ثم لم تمكث توبة وحشي رضي الله عنه عند سماع (إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً) [الزمر: 53] وإليه الإشارة بقوله: "وبعث عليها".

وثالثها: أن في ضمن معنى الاستغراق قلع الإياس والقنوط، ولهذا علل سبحانه وتعالى النهي عن الإقناط في قوله: (لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ) بقوله: (إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً).

ورابعها: أطلقت الذنوب وعممت بعد ذكر الفاحشة وظلم النفس، وترك مقتضى الظاهر ليدل به على عدم المبالاة في الغفران، وأن الذنوب وإن جلت فعفوه أعظم.

وخامسها: أن الاسم الجامع في تركيب قوله: (وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ) كما دل على سعة الغفران بحسب المقام يدل أيضاً مع شهادة أداة الحصر على أنه تعالى وحده معه مصححات المغفرة من كونه عزيزاً ليس أحد فوقه ليرد عليه حكمه، وكونه حكيماً يغفر لمن تقتضي حكمته غفرانه على رأي المصنف، وإليه ينظر قوله تعالى حكاية عن المسيح عليه السلام: (وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) [المائدة: 118]، قال المصنف: " (وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ) القوي القادر على الثواب والعقاب (الْحَكِيمُ) الذي لا يثيب ولا يعاقب إلا عن حكمة وصواب".

قوله: (والتنصل)، الجوهري: التنصل: التبرؤ من الذنب، يقال: تنصل فلان من ذنبه: إذا تبرأ منه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015