ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وكبيرها، سالفها وغابرها، غير من وسعت رحمته كل شيء؟ وفي نقيضه قال صاحب "المفتاح": في قراءة (من فرعون) على الاستفهام: من فرعون، هل تعرفون من هو في فرط عتوه وشدة شكيمته وتفرعنه، ما ظنكم بعذاب يكون المعذب به مثله؟ .
ويعضد ما قلناه قوله في آخر هذه السورة في قوله: (لإٍلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ) [آل عمران: 158]: "لإلى الرحيم الواسع الرحمة المثيب العظيم الثواب تحشرون".
وثانيها: تقديمه عن مكانه وإزالته عن مقره، فإنه اعترض بين المبتدأ والخبر ثم بين المعطوف والمعطوف عليه، أي: فاستغفروا، ولم يصروا، للدلالة على شدة الاهتمام به والتنبيه على أنه كما وجد الاستغفار لم يتخلف عنه الغفران، وهو المراد بقوله: "وقرب المغفرة".
وثالثها: الإتيان بالجمع المحلى بلام التعريف إعلاماً بأن التائب إذا تقدم بالاستغفار يتلقى بغفران ذنوبه كلها فيصير كمن لا ذنب له.
ورابعها: دلالة الحصر بالنفي والإثبات على أن لا مفزع للمذنبين إلا فضله وكرمه، وذلك أن من وسعت رحمته كل شيء لا يشاركه أحد في نشرها كرماً وفضلاً.
وخامسها: إسناد غفران الذنوب إلى نفسه وإثباته لذاته المقدس بعد وجود الاستغفار، وتنصل عبيده يدل على وجود ذلك قطعاً إما بحسب الوعد عندنا أو العدل عندهم، وفي ذكر العدل بعد الفضل لطيفة، وأما النظر من جهة العبد باعتبار دلالة إشارة النص، وهو المراد بقوله: "وفيه تطييب النفوس"، إلى آخره، ففيه وجوه أيضاً.
أحدها: أن في إبداء سعة الرحمة واستعجال المغفرة بشارة عظيمة وتطييباً للنفوس.
وثانيها: أن العبد إذا نظر إلى هذه العناية الشديدة والاهتمام العظيم في شأن التوبة