بمعنى إلا مترامزين، كما يكلم الناس الأخرس بالإشارة ويكلمهم. و "العشىّ": من حين تزول الشمس إلى أن تغيب. و "الْإِبْكارِ" من طلوع الفجر إلى وقت الضحى. وقرئ: و "الأبكار"، بفتح الهمزة جمع بكر كسحر وأسحار. يقال: أتيته بكراً بفتحتين. فإن قلت: الرمز ليس من جنس الكلام فكيف استثنى منه؟ قلت: لما أدّى مؤدّى الكلام وفهم منه ما يفهم منه سمى كلامًا ويجوز أن يكون استثناء منقطعًا.
(وَإِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ يا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفاكِ عَلى نِساءِ الْعالَمِينَ (42) يا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ) [42 - 43]
(يا مَرْيَمُ) روي: أنهم كلموها شفاها، معجزة لزكريا عليه السلام أو إرهاصًا لنبوّة عيسى (اصْطَفاكِ) أوّلا حين تقبلك من أمك ورباك،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وتستطارا: أصله تستطارن فقلبت النون ألفاً للوقف، وقيل: أصله تستطاران، وفردين: حال من ضمير الفاعل والمفعول.
قوله: (الرمز ليس من جنس الكلام)، الزجاج: الرمز: تحريك الشفتين باللفظ من غير إبانة، وفي اللغة: كل ما أشرت به إلى ما يبان بأي شيء أشرت، بفم أم بيد أم بعين، والرمز: الحركة.
قوله: (أو إرهاصاً لنبوة عيسى) أي: تأسيساً وإحكاماً، من الرهص، وهو الساق الأسفل من الجدار، الأساس: ومن المجاز: أرهص الشيء: أثبته وأسسه، وكان ذلك إرهاصاً للنبوة، وذلك أن يتقدم على دعوى النبوة ما يشبه المعجزة، كإظلال الغمام لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتكلم الحجر والمدر معه وغير ذلك، وعندنا يجوز أن يكون ذلك كرامة لها، وأن يكون إرهاصاً لعيسى، وعندهم إرهاصاً لعيسى أو معجزة لزكريا عليه السلام كما ذكره.