(وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ) كقولهم: أدركته السنّ العالية. والمعنى: أثر فيّ الكبر فأضعفني، وكانت له تسع وتسعون سنة، ولامرأته ثمان وتسعون (كَذلِكَ)، أي: يفعل اللَّه ما يشاء من الأفعال العجيبة مثل ذلك الفعل، وهو خلق الولد بين الشيخ الفاني والعجوز العاقر؛ أو: (كذلك اللَّه)، مبتدأ وخبر، أي: على نحو هذه الصفة: اللَّه، (ويفعل ما يشاء): بيان له، أي: يفعل ما يريد من الأفاعيل الخارقة للعادات
(آيَةً) علامة أعرف بها الحبل؛ لأتلقى النعمة إذا جاءت بالشكر (قالَ آيَتُكَ) أَن لَّا تقدر على تكليم الناس (ثَلاثَةَ أَيَّامٍ)، وإنما خص تكليم الناس ليعلمه أنه يحبس لسانه عن القدرة على تكليمهم خاصة، مع إبقاء قدرته على التكلم بذكر اللَّه، ولذلك قال: (وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيراً وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكارِ)، يعنى في أيام عجزك عن تكليم الناس، وهي من الآيات الباهرة. فإن قلت: لم حبس لسانه عن كلام الناس؟ قلت:
ليخلص المدّة لذكر اللَّه لا يشتغل لسانه بغيره، توفراً منه على قضاء حق تلك النعمة الجسيمة، وشكرها الذي طلب الآية من أجله، كأنه لما طلب الآية من أجل الشكر قيل له: آيتك أن تحبس لسانك إلا عن الشكر ........
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (أي: على نحو هذه الصفة) أي: على أن يرزقك ولداً وأنت شيخ وامرأتك عاقر، أي: هو الذي يفعل ما تحير به أوهام الخلق، ولذلك كان قوله: (يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ) بياناً له.
قوله: (من الأفاعيل) وهي جمع أفعولة، وهذا البناء مختص بما يتعجب منه.
قوله: (ولذلك قال: (وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيراً)) أي: ولأن تخصيص الناس بالذكر دل على نفي الحكم عما عداه، قال: (وَاذْكُرْ رَبَّكَ) أي: خص ربك بالذكر، ويمكن أن يستدل بهذه الآية على إثبات هذا المطلوب.
قوله: (وهي من الآيات الباهرة): أي: قدرته على التكلم بذكر الله مع حبس لسانه عن القدرة على تكليمهم خاصة.