والحصور: الذي لا يقرب النساء حصراً لنفسه أي: منعًا لها من الشهوات. وقيل: هو الذي لا يدخل مع القوم في الميسر. قال الأخطل:

وَشَارِبٍ مُرْبِحٍ بِالكاسِ نَادَمَنِى لَا بِالْحَصُورِ وَلَا فِيهَا بِسَأارِ

فاستعير لمن لا يدخل في اللعب واللهو. وقد روي: أنه مرّ وهو طفل بصبيان فدعوه إلى اللعب فقال: ما للعب خلقت (مِنَ الصَّالِحِينَ) ناشئًا من الصالحين؛ لأنه كان من أصلاب الأنبياء، أو كائنا من جملة الصالحين كقوله: (وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ). [البقرة: 130] (أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ) استبعاد من حيث العادة كما قالت مريم

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (حصراً لنفسه) أي: منعاً لها مع ميلها إلى الشهوات، ومن لم يكن له ميل إليها لا يسمى حصوراً، ولابد فيه من المنع؛ لأن السجن إنما سمي حصيراً لما أنه يمنع من الخروج.

قوله: (وشارب مربح بالكأس) البيت، مربح، أي: يشتري الخمر بالربح. ولا فيها بسأار، أي: لا يبقي من الخمر بقية في الكأس، أدخل الباء في خبر "لا" لأنه بمعنى "ليس"، يقول: رب شارب مشتر للخمر بالربح ليس ممن لا يدخل في القمار ولا مبق في الكأس منها شيئاً عاشرني، وفي رواية: بسوار، من: ساور: إذا وثب، أي: ليس بمعربد.

قال الزجاج: ويروى: ولا فيها بسأار، أي: نادمني وهو كريم ينفق على الندامى، والسوار: المعربد يساور نديمه، أي: يثب عليه، والحصور: الذي يكتم الشر، أي: يحبسه في نفسه.

قوله: (ناشئاً من الصالحين) وعلى هذا "من": للابتداء، وعلى قوله: "أو كائناً من جملة الصالحين": للتبعيض.

قوله: (كما قالت مريم) أي: (قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ)، استبعاداً من حيث العادة المستمرة لا إنكاراً.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015