والضمير لما في السموات والأرض؛ لأنّ فيهم العقلاء، أو لما دل عليه (مَنْ ذَا) من الملائكة والأنبياء .......
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (والضمير لما في السماوات والأرض، أو: لما دل عليه (مَن ذَا) من الملائكة والأنبياء) يعني: في قوله: (مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ)، فإن كان الأول فالمعنى هو: أنه لما قيل: (لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ) بمعنى: أنه مالك ما في السماوات وما في الأرض وكل منقاد مقهور تحت ملكوته وقهره يتصرف فيها كيف يشاء، جيء بقوله: (مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ) مقرراً لبيان كبريائه وقهره وأن أحداً لا يتمالك أن يشفع لأحد إلا بإذنه، فكيف يسعه أن يتصرف في ملكوته؟ وبقوله: (يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ) كشفاً للتصرف التام والحكمة البالغة، وإن كان الضمير لما دل عليه (مَن ذَا) فهو: استئناف لبيان سبب نفي الشفاعة عن الغير، ويحتمل أن يكون حالاً من الضمير المرفوع في (يَشْفَعُ) أو من المجرور في (بِإِذْنِهِ) أو من المتحول إليه، فيكون حالاً متداخلة؛ لأن قوله: (إِلاَّ بِإِذْنِهِ) في موضع الحال، قال أبو البقاء: والتقدير: لا أحد يشفع عنده إلا مأذوناً له، أو: في حال الإذن، والحال رافعة لجهة الإشكال، أي: كيف يتمكن أحد من الشفاعة بغير الإذن والحال أنه تعالى عالم بجميع ما صدر من المشفوع له مما تقدم من ذنبه وما تأخر، وما أسر به وما أعلن، ولا يحيط الشافع من معلومه ذلك إلا بما أحاطه الله به من ظاهر الحال، وربما يتقدم الشافع في الشفاعة نظراً إلى الظاهر ويشفع وهو ذاهل عن باطنها وأن المشفوع له لا يستحق الشفاعة، فيتحرج منه.
فإنق يل: كيف أثبت إحاطة العلم للمخلوق في قوله: (بِمَا شَاءَ) وأضاف مطلق العلم إلى ذاته عز وجل؟ فالجواب: أن قوله: (يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ) وما عطف عليه من قوله: (وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاءَ) بمجموعه: بيان للموجب في قوله: (مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ) كما سبق تقريره، وقد تقرر أن مصحح الشفاعة كون الشافع