أي: لا يأخذه نعاس ولا نوم. وهو تأكيد لـ (القيوم)؛ لأنّ من جاز عليه ذلك استحال أن يكون قيوماً،
ومنه حديث موسى: أنه سأل الملائكة- وكان ذلك من قومه كطلب الرؤية-: أينام ربنا؟ فأوحى اللَّه إليهم أن يوقظوه ثلاثاً ولا يتركوه ينام، ثم قال: خذ بيدك قارورتين مملوءتين. فأخذهما، وألقى اللَّه عليه النعاس، فضرب إحداهما على الأخرى فانكسرتا، ثم أوحى إليه: قل لهؤلاء: إني أمسك السموات والأرض بقدرتي، فلو أخذنى نومٌ أو نعاس لزالتا. (مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ) بيان لملكوته وكبريائه، وأن أحداً لا يتمالك أن يتكلم يوم القيامة إلا إذا أذن له في الكلام، كقوله تعالى: (لا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ) [النبأ: 38]. (يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ): ما كان قبلهم وما يكون بعدهم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الدماغ فإذا وصلت إلى العين نامت وهي السنة، وإذا وصلت إلى القلب نام وهو النوم، قبله:
وكأنها وسط النساء أعارها ... عينيه أحور من جآذر جاسم
جاسم: قرية بالشام، أقصده، من أقصدت الرجل: إذا أصبته بالسهم فلم يخط مقاتله، ورنق الطائر: رفرف حول الشيء، أي: دار حوله ليقع عليه، وقيل: رنق الطائر: إذا خفق بجناحيه في الهواء وثبت ولم يطر.
قوله: (وكان ذلك من قومه كطلب الرؤية) جملة معترضة صيانة للمكروه؛ لأن نسبة ذلك إلى موسى عليه السلام يؤدي إلى أنه ما كان عالماً بأن الله تعالى منزه عن النوم، أو شاكاً فيه، ثم قوله: (كطلب الرؤية) كالتذييل للاعتراض لتعصب مذهبه.
قوله: (بيان لملكوته وكبريائه). قال القاضي: هو بيان لكبرياء شأنه، وأنه لا أحد يساويه ويدانيه يستقل بأن يدفع ما يريده شفاعة واستكانة، فضلاً أن يعاوقه عناداً ومناصبة.