. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

على بعض وآتينا كلاً منهم ما يدعو به أمته إلى دين الحق، فلما درجوا تشعبت مذاهب أمتهم محقين ومبطلين، فاقتتلوا، ولو شاء الله اتفاقهم ما اختلفوا وما اقتتلوا ولكن شاء الله ذلك، اختلفوا واقتتلوا، فكرر، (وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا)؛ لئلا يظن ظان أن المشيئة ليست على إطلاقها وأنها مقيدة بقيد القسر والإلجاء، روى الإمام عن الواحدي: إنما كرر تأكيداً للكلام وتكذيباً لمن زعم أنهم فعلوا ذلك من عند أنفسهم ولم يجر به قضاء ولا قدر من الله تعالى، ويؤيده قوله: (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ* إِلاَّ مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) [هود: 118 - 119]، ألا ترى كيف عقب الآية بقوله: (وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ)؟ قال الإمام: الآية دالة على مسألة خلق الأعمال وأن الكائنات كلها بقضاء الله وقدره فيوفق من يشاء ويخذل من يشاء، ولا اعتراض لأحد عليه في فعله، وقال القاضي: (يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ): يوفق من يشاء فضلاً ويخذل من يشاء عدلاً، وفي الآية دليل على أن الأنبياء متفاوتة الأقدام، وأنه يجوز تفضيل بعضهم على بعض، لكن بقاطع، وأن الحوادث بيد الله تابعة لمشيئته خيراً كان أو شراً.

الراغب: إن قيل: ما الفرق بين المشيئة والإرادة؟ قيل: أكثر المتكلمين لم يفرقوا بينهما وإن كانتا في أصل اللغة مختلفتين، وذلك أن المشيئة من شيء، والشيء: اسم للموجود، وأما الإرادة فمصدر أراد، أي: طلب، وأصله أن يتعدى إلى مفعولين، لكن اقتصر على أحدهما في التصرف، وفي الأصل لا يقال إلا لأن يطلب ممن يصح منه الطلب، فإن ترك منه هذا الاعتبار في التعارف صار لطلب الشيء والحكم بأنه ينبغي أن يفعل أو لا يفعل، وإذا استعمل في الله فهو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015